للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حضر النيل في تلك الليلة مئات آلاف من الناس من المسلمين والنصارى، منهم في الزوارق، ومنهم في الدور الدانية من النيل، ومنهم على الشطوط لا يتناكرون الحضور، ويحضرون كل ما يمكنهم إظهاره من المآكل والمشارب والملابس وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهي والعزف والقصف١.

وهي أحسن ليلة تكون بمصر، وأشملها سروراً، ولا تغلق فيها الدروب، ويغطس أكثرهم في النيل، ويزعمون أن ذلك أمان من المرض مبرئ للداء٢.

قلت: بئست هذه الليلة التي فيها إعانة للكفار على إظهار عقيدتهم الباطلة ومشاركتهم في فسوقهم الواضح، ولا يقع هذا الفعل إلا ممن ضعف إيمانه، وقل حياؤه من جهلة المسلمين وغوغاء العامة.

وهذا العيد هو أحد المواسم التي كانت تحتفل بها الدولة الفاطمية، ويشارك بعض المسلمين في ذلك فتنصب الخيام على السواحل، وتوقد الشموع ويحضر المغنون والملهون وتشرب الخمور، حتى يحين وقت الغطاس فينزل في البحر٣.

ومما يحدث في هذا الموسم من مشاركة المسلمين ما ذكره ابن الحاج "من أن بعض المسلمين تشبه بالنصارى في ذلك من كونهم يزيدون فيه النفقة، ويدخلون فيه السرور على أولادهم بأشياء يفعلونها فيه، مما يزيد في تعظيم هذا


١ هو اللهو واللعب، وقيل الجلبة والإعلان باللهو. انظر: لسان العرب (٩/٢٨٣) ، مادة (قصف) .
٢ مروج الذهب للمسعودي (١/٣٥٧) .
٣الخطط للمقريزي (١/٢٦٥ـ٢٦٦) .

<<  <   >  >>