للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتباع لما يهوونه؛ ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم، ويسرون به، ويودون أن لو بذلوا عظيماً ليحصل ذلك.

ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم وأعون على حصول مرضاة الله في تركها، وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيرها، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه وأي الأمرين كان، حصل المقصود في الجملة، وإن كان الأولى أظهر١.

٣ ـ قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} ٢.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الآية: فانظر كيف قال في الخبر "ملتهم" وقال في النهي "أهواءهم" لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقاً، والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين، نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه، أو مظنة لمتابعتهم فيما يهوونه٣.


١ اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (١/٨٤-٨٥) ، وانظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (٧/١٤٣-١٤٤) .
٢ سورة البقرة، آية (١٢٠) .
٣ اقتضاء الصراط المستقيم (١/٨٦) .

<<  <   >  >>