للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن كثير: وفيه تهديد ووعيد شديد للأمة على اتباع طرائق اليهود والنصارى بعد ما علموا من القرآن والسنة ـ عياذاً بالله من ذلك ـ فإن الخطاب للرسول والأمر لأمته١.

٤ ـ قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ٢.

وهم اليهود والنصارى٣ الذين افترقوا على أكثر من سبعين فرقة؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن متابعتهم في نفس والاختلاف مع أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كما جاء في الحديث "افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" ٤.

فالنهي عن المماثلة قد يعم بطريق اللفظ والمعنى، كقولك: "لا تكن مثل فلان"وإن لم يعم دل على أن جنس مخالفتهم، وترك مشابهتهم أمر مشروع ودل على أنه كلما بعد الرجل عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها، وهذه مصلحة جليلة٥.


١ تفسير ابن كثير (١/١٦٤) ، وانظر: فتح القدير للشوكاني (١/١٣٥) .
٢ سورة آل عمران، آية (١٠٥) .
٣ تفسير البغوي (١/٣٣٩) .
٤ سنن أبي داود، كتاب السنة، باب شرح السنة (٤/١٩٧-١٩٨) ، حديث (٤٥٩٦) . وسنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق الأمة (٥/٢٥-٢٦) ، حديث (٢٦٤١) ، وقال: حديث حسن صحيح. وسنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب افتراق الأمم (٢/١٣٢١) ، حديث (٣٩٩١) ، ومسند الإمام أحمد (٢/٣٣٢) . والمستدرك للحاكم، كتاب العلم (١/١٢٨) ، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
٥ انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٨٨) .

<<  <   >  >>