الجانب الأول: حجيَّة السنة النبوية ومكانتها، ودفع الشبه عنها
توطئة:
إنَّ محاولات تشكيك المسلمين في "السنة النبوية" التي هي الأصل الثاني لهذا الدين في مجموع بنيته: عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً، قد أخذ أساليب متعددة ومسارب مختلفة، منذ عهد مبكر من تاريخ المسلمين.
- فتارةً عن طريق التشكيك في ثبوتها، وأنها آحادية وليست متواترة.
- وتارةً أخرى عن طريق اختلاف الروايات التي تُظهر الأحاديث بمظهر السطحية والسذاجة في التفكير، ومخالفة الواقع المحسوس، أو العقل الصريح، أو النقل الصحيح، أو التجربة المسلَّمة.
- وتارةً بالطعن في حملتها الأولين ورواتها الأقدمين من الصحابة والتابعين، وما طَعْنُ النَّظَّام المعتزلي- إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري
(ت ٢٣١هـ) -، في عبد الله بن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهما، وتكذيبه لهما، وكذا شتمه لزيد بن ثابت رضي الله عنه، بمجهول (١) .
ثم جاء جماعة من المستشرقين، فأخذوا هذه الطعون والشبهات، فنفخوا فيها وزادوا.
- فمنهم من طعن في حجية السنة النبوية وقيمتها التشريعية.
- ومنهم من أثار الارتياب في الأسانيد وقيمتها العلمية.
ومنهم من ادَّعى تأخر كتابة الأحاديث إلى قرن أو أكثر، ومن ثم فإنه
(١) انظر " تأويل مختلف الحديث " لابن قتيبة ص ٦٦-٧٣.