إذا كان "علم أصول الفقه" هو ميزان المعقول، فإنَّ "علم أصول الحديث" هو ميزان المنقول.
وكلا العلمين يمثل إضافة حقيقية هامة ومتفردة في التأصيل للفكر المنهجي، والتحصين الثقافي، والتميز الحضاري للمسلمين.
ففيهما وقع الردّ على تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
و"علم أصول الحديث"، بما اشتمل عليه من القواعد والقوانين المعرَّفة مجال الراوي والمروي من حيث القبول والرد؛ يمثل منهجاً نقدياً محكماً في شمولية وتوازن، تمّ به حفظ الدين الإسلامي من التحريف والتبديل من خلال حفظ "الحديث النبوي" من الخلط فيه، أو الدس والافتراء عليه.
فهو يحقق ولاء المسلم وانتماءه إلى دينه في المآل.
لقد عمل هذا العلم - ومازال، وسيبقى بمشيئة الله تعالى -، على الحيلولة دون تسلل الخرافة وتفشي البدعة في الحياة الإسلامية.
ومن ثَمَّ جاءت عناية العلماء في هذه الفترة الزمنية - في التصنيف في "علوم الحديث"، امتداداً للجهود الأصيلة لعلماء الحديث وأئمته في هذا الجانب على مدار القرون السالفة، تمكيناً وتأكيداً لتلك الغايات مجتمعة.
وإلى جانب ما تميزت به بعض المؤلفات المعاصرة في "علوم الحديث"، من تجديد في العرض أو الصياغة أو النقد أو الإضافة أو التطبيق؛
(١) يطلق على (علوم الحديث) أيضاً اسم: (علم أصول الحديث) و (علم مصطلح الحديث)