للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كم أود أن أعيش في جزيرة مطمئنة هادئة ليس فيها ساسة، ولكن مع الأسف لا يمكن أن يعيش الإنسان من غير حكومة ومن غير ساسة يسوسون الناس، فكل مجتمع لا بد فيه من مجرمين وأشرار وطامعين ونهابين. فما لم تأخذ الحكومة على يدهم عاثوا في الأرض فسادا، فلا يمكن لجزيرة أن تعيش من غير حكومة، وكل كتّاب "اليوتوبيا" أو بعبارة أخرى "المدن الفاضلة"، وأفلاطون نفسه "في جمهوريته" لم يخلوا بلادهم التي عدوها مثلا أعلى من ساسة ومن حكومة.

غاية الأمر أنهم أملوا أن تكون الحكومة فيها حكومة عادلة، حكومة ترعى الأمة، ولا تستبد بها، وتأخذ بيدها ولا تمحقها، حكومة متسعة العقل، مرنة تتطور مع الأحداث، وتعلم أن ما صلح أمس لا يصلح اليوم، لا كساسة الإنجليز والفرنسيين لا يتحولون عما في أذهانهم مهما تغيرت الظروف١.

ومن الملاحظ على هذه المقالة:

١- أنها تتناول قضية لها خطورتها هي: هل يمكن أن يعيش الناس -في مجتمع ما بلا ساسة يدبرون أمرهم.

٢- وضح لنا الكاتب الباعث على سؤاله، وهو أن كل شيء حولنا يتغير، ما عدا نظرة المستعمرين من الإنجليز إلينا، ومعاملتهم لنا.

٣- دلل الكاتب على قضيته ببعض الأمثلة التي اختارها.

٤- كشفت المقالة الفلسفية عن الحقيقة الواضحة التي ينبغي ألا يضل عنها القارئ -وهو يقرأ الموضوع- وهي أنه "لا يمكن أن يعيش الناس من غير


١ د. أحمد أمين: جزيرة بلا سياسيين، مجلة "الهلال" فبراير ١٩٥٢م، ص١٥.

<<  <   >  >>