للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمعجزات في حقل الزراعة الخصيب، ولكن ما قيمة تلك المعجزات أمام تلك الأسماء الضخمة والمراكز الفخمة التي يعشي ضوؤها العيون؟ .. ومن الملوم؟ "شندويل" أو الأسرة التي كفلته؟ لم يفكر هو لحظة أن يعمل لنفسه. لم يفكر هو لحظة أن يقتني شيئًا.. عِجلة.. أو عنزة.. أو على الأقل دجاجة واحدة.. لم يهمه جمع المال وادخاره قدر ما أهمه أداء واجبه.. كان يسعى أبدًا إلى إرضاء من أحسنوا إليه، لا يتطلع إلى مزيد.. لقد اعتصر دمه في خدمة من آووه وكفلوه.. وأخيرًا يستبين له فقره، وهوان شأنه.. فماذا أفاد من طيبته؟ وماذا أجدى عليه إيثاره.

أيقن " شندويل" الآن أن وجهة نظره في تقييم نفسه بين الأسرة كانت على خطأ من البدء، أو كانت مبالغة فيها.. ماذا كان مصير الأسرة لولاه هو؟ لولا ما أسداه إليها من خير، وما بذل من عون؟ كان هو قوام البيت، وراعي الحقل، وحامي حمى الأسرة.. أليس هو جديرا بأن يأخذ مكانه عاليًا بينها؟

حان له أن يغضب وحق له أن ينصف نفسه، وأن له كرامة عليه أن يحافظ عليها ما وسعه أن يحافظ.

ووجد نفسه ينهض من فوره، وقد ارتسم على وجهه جد وإصرار، واتخذ سبيله إلى "أم فكرية".

كان الصباح صفيًّا رخيًا فتقدم "شندويل" من "أم فكرية"، وهي في جلسة مريحة أمام طست الغسيل، فما رأته قادمًا حتى لملمت أوصالها، وأسدلت ثوبها تغطي ما تعرى من جسدها، ونظرت إلى الشاب تخاطبه.

<<  <   >  >>