للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان التشخيص من الخصائص الأسلوبية التي طرقها أرباب المدرسة الرومانسية التي ثارت -فيما ثارت عليه- على العقل، وأعلت شأن العاطفة، وقدست الخيال حتي جعلت من المعنوي محسوسًا، ومال الرومانسيون إلى الطبيعة يناجونها، ومن الأمثلة التي نراها عند أبي القاسم ما يلي:

- "يستجيب القدر": جعل الشاعر للقدرة إرادة وعقلا فمن يدعوه فإنه يجيبه ومن أصر عليه فإنه لا بد أن ينصاع له.

ولنا مع هذه الصورة الفنية رجعة في التعليق بمشيئة الله تعالى.

وهذا التشخيص" الاستعارة" أفاد المعنى قوة وتمكينًا في النفس، وحضًّا للشعب الذي يخاطبه على العمل والثورة لأن القدر سيبارك سعيهم ولن يضيع عملهم سدى بل النتيجة الحتمية واستجابة القدر مؤذنة بالتغير والتطور؛ لأن من يعمل وهو يعلم بالنتيجة الحسنة لعمله فإنه سيواصل العمل، ويتجاوز العقبات ويتجرع العلقم ليناله عاقبة حلوة في المنتهى.

- " يعانقه شوق الحياة": أبو القاسم يجعل للحياة شوقًا يريد بذلك العمل، ومعاركة الحياة وأحداثها، ويصور شوق الحياة بشخص يعانق كأنه إنسان، وفي هذا استعارة تضمنت تشخيصًا.

فائدة الصور:

- أراد الشابي حض الشعب على العمل والثورة والتفاعل مع الأحداث ومصارعتها، وعبر عن هذه بالمعانقة والتعلق بالشيء، فدلت المعانقة والمفاعلة على العمل. ثم يقول: إن الذي لا يعمل ولا يعانق هذا الشوق فالفشل حليفه والاندثار مصيره.

<<  <   >  >>