- "ودمدمت الريح.... إذا ما طمحت.. " يجعل للريح صفة التكلم وهي صفة خاصة بالإنسان فجعل الريح كشخص، وهذه استعارة مكنية، ومثله كذلك "قالت لي الكائنات"، ومثل هذا:"وقالت لي الأرض:....."، و"قال لي الغاب" مشبهًا الأرض والغاب بإنسان يتكلم.
أراد الشاعر بهذه الأمثلة أن يثبت كلامه عن الثورة والطموح والعمل ويقويه في ذهن المخاطب فجمع له المؤيدين، حتي الذين لم يعهد منهم أن يتكلموا استطاع أبو القاسم بحاسته المرهفة أن يخاطبهم وأن يشهدوا له بما قال، فالريح تزأر بقوة، إن الطموح يريد العمل، وإن المتكاسل المتواني ضعيف الهمة يعيش في الحفر بينما يصعد غيره شمم الجبال وقممها، والأرض تحب الطامحين الذين لا تثنيهم المصاعب والأخطار عن تحقيق المنى، وهي تكره أشد الكره الخائنين الذين يرضون بالعيش الذليل، والغاب يتطلع إلى رؤية الحياة الحقة حين تترنم الطيور وتهب النسمات العليلة ويعم المطر الكون بعزفه وقطراته المنعشة.
أما الاستعارة "الخالية من التشخيص" فقد أكثر منها الشاعر مقويًّا بها معانيه ولنستعر شيئًا منها:
ـ "لبست المني وخلعت الحذر": هنا استعارة مكنية شبه فيها الأماني بشيء يلبس كما شبه الحذر والخوف بشيء يخلع.
وقد أفادت الاستعارة هنا أن العمل واجب لتحقيق ما تطمح إليه النفس وما إليه تصبو، ومن مظاهر العمل أن يتمنى الإنسان الأماني العالية، ويعمل على تحقيقها، وأن يترك عنه الخوف، والحذر يخلعه ويتخلص منه ويرمي به.