رأى نجدا مرتعا للخرافات والعقائد الفاسدة التي تتنافى مع أصول الدين الصحيحة, فقد كان فيها كثير من القبور تنسب إلى بعض الصحابة, يحج الناس إليها ويطلبون منها حاجاتهم, ويستغيثون بها لدفع كروبهم, فقد كانوا في الجبيلة يؤمون قبر زيد بن الخطاب, يتضرعون لديه ويسألونه حاجاتهم, وكذلك في الدرعية كان قبر لبعض الصحابة كما يزعمون, وأغرب من ذلك توسلهم في بلد المنفوحة بفحل النخل, واعتقادهم أن من تؤمه من العوانس تتزوج, فكانت من تقصده تقول:"يا فحل الفحول, أريد زوجا قبل الحول" ورأى في الحجاز تقديس قبور الصحابة وأهل البيت والرسول صلى الله عليه وسلم ما لا يسوغ إلا مع رب الأرباب.
كما سمع عن العيدروس في "عدن" والزيلعي في اليمن الشيء الكثير, وعن البدوي والدسوقي والرفاعي والجيلاني وأمثالهم, ما يقوم به الأكثرون تجاه هؤلاء من العبادات التي لا تصلح إلا لله, كالنذور والطواف الذبح والاستغاثة إلى غير ذلك, وهكذا كان أهل نجد وسائر الأقطار لا يعرفون الله في الرخاء ولا في الشدة باستثناء قلة صالحة, فإذا حلت مصيبة بأحد أو مرض أو ظلم, أو يريد كشف الضر أو إعطاء ولد أو رزق أو نزول مطر, لاذ بقبر من القبور المعظمة وأخذ يصيح ويبكي ويصلي ويدعو ويستغيث بالولي المزعوم, ويطلب منه قضاء حاجته وكأنه لم يسمع قوله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ١