للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقيدة الحلول

ويعني الصوفية بالحلول١ أن الله سبحانه وتعالى حل في بعض الأجسام واصطفاها واختارها, فانقلبت هذه الأجسام البشرية إلى آلهة تسير على الأرض وتعيش بين الناس.

وهذه العقيدة مأخوذة من الديانات اليهودية والنصرانية والمجوسية والهندية والفلسفة اليونانية, وكان الحلاج من أشهر المتصوفة القائلين بالحلول, وقد شرح عقيدة الحلول بقوله: من هذب نفسه في الطاعة وصبر على الملذات والشهوات, ارتقى إلى مقام المقربين ثم لا يزال يصفو ويرتقي في درجات المصافاة حتى يصفو عن البشرية, فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الإله الذي حل في عيسى بن مريم ولم يرد حينئذ شيئا إلا كان كما أراد٢, وكان جميع فعله فعل الله تعالى.


١ الحلول: هو أن يكون الشيء حاصلا في الشيء ومختصا به, حيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر تحقيقا أو تقديرا "كليات أبي البقاء", وحلول الشيء في الشيء: هو أن يكون وجوده في نفسه هو بعينه وجوده لذلك الشيء ويريد به المتصوفة أن الله تعالى يحل في العارفين.
٢ هذه ربوبية كاملة وألوهية عظيمة, فإذا أراد الشخص الذي حل فيه الإله في زعمهم أن يحيي ميتا أو يميت حيا, أو يأتي بأي شيء خارق تعجز عنه البشر استطاع وكان في إمكانه, وهل بعد هذا الكفر كفر؟ اللهم لا, سبحانه هذا بهتان عظيم.
هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب ابنته: يا فاطمة بنت محمد: لا أغني عنك من الله شيئا, قال هذا الكلام لسائر عشيرته.
ونفى الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى العلم بالغيب إلا ما وصل عن طريق الوحي, وهؤلاء لم يكتفوا بدعوى الولاية والكرامات, بل ارتقوا فوق النبوة لدرجة الألوهية والربوبية, وما رأينا ولا سمعنا ولا قرأنا من سائر الكفرة من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وعباد الأوثان من ادعى هذه الدعوة الباطلة, نعم قد يأتي بعضهم ببعض الخوارق الشيطانية عن طريق السحر أو الأدوية أو غيرها كما في بعض بلاد أوربا والهند.

<<  <   >  >>