للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كانت هذه عقائد ومبادئ الصوفية, فكيف لا ينكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليهم؟ بل يجب على كل مسلم عالما أو غير عالم, أن ينكر هذه العقائد الباطلة وعلى من يعتقدها, لأنها مخالفة لدين الإسلام, ولأنها أداة لهدم الدين الإسلامي بل لجميع الأديان, فتقسيمهم الدين إلى قشر ولباب هو من مخترعات الصوفية, أرادوا به أن يأتوا بالمناكر والمحرمات بدعوى أن ما يعتقدونه ويعلمونه هو لب اللباب, وما يعمله الفقهاء هو من الظواهر, وكأنهم لم يعلموا أن للظاهر تأثيرا على الباطن, وأن للباطن على الظاهر تأثيرا قويا.

وقد١ تقرر عند العلماء المحققين أن هناك ارتباطا وثيقا بين الظاهر والباطن, وأن للأول تأثيرا في الآخر, إن خيرا فخير, وإن شرا فشر, وإن كان ذلك مما قد لا يشعر به الإنسان في نفسه, ولكن قد يراه في غيره.

قال شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء:

وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة, حتى إن الرجلين إذا كانا من بلد واحد ثم اجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والموالاة والائتلاف أمر عظيم, وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين, أو كانا متهاجرين, وذلك لأن الاشتراك في البلد نوع وصف اختصا به عن بلد الغربة, بل لو اجتمع رجلان في سفر أو بلد غريب, وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو الثياب أو الشعر أو المركوب ونحو ذلك من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما, كذلك تجد أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضا ما لا يألفون غيرهم, حتى إن ذلك يكون مع المعاداة والمحاربة, إما على الملك وإما على الدين, وتجد الملوك ونحوهم من الرؤساء –وإن تباعدت ديارهم وممالكهم- بينهم مناسبة تورث مشابهة ورعاية من بعضهم لبعض, وهذا كله بموجب الطباع ومقتضاها, إلا أن يمنع من ذلك دين أو غرض خاص, فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة, فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟


١ بدء الكلام من تفسير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب للشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل.

<<  <   >  >>