للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يمعن النظر في رجال التصوف, ولا أقول كلهم, بل أقول أكثرهم أنهم يدعون الزهد, ويترأسون على العوام الجهال, ويجلبون منهم الحطام من الأنعام والزرع والثمار, ويقومون لهم بالأعمال الدنيوية, وكل زهده أن تكون له سبحة طويلة ولحية كبيرة, جالس على فراشه يأتي إليه أتباعه يقبلون يديه ورجليه, ويذم الدنيا بلسانه أما بالفعل فلا.

ولم ينكر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- عليهم من أجل صلاتهم ودعائهم وأذكارهم, إنما ينكر الابتداع والتفرق والطرائق, فهذا شاذلي وهذا نقشبندي وهذا رفاعي, إلى غير ذلك من الطرق, ولكل واحد ذكر مخصوص وطريقة معينة, فمتى ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟

وما يزعمون من الخرافة الصوفية التي يدعون أنها صادرة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه كذب واختلاق, فعلي بن أبي طالب أجل من ذلك.

فإن قالوا: إن علماء الظاهر قد تفرقوا إلى عدة مذاهب كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وسفيان والأوزاعي والنخعي, فنحن كذلك, فلأي شيء تنكرون علينا؟

فالجواب: إن أولئك الأعلام خدموا الإسلام والمسلمين, وأسسوا مذاهبهم على الكتاب والسنة, ولم يدخلوا فيها شيئا من البدع والضلالات, ولا عبرة ببعض المتأخرين من مقلدي المذاهب إذا حسنوا بدعة أو مارسوا بدعة.

والإنكار على الصوفية لم ينفرد به شيخ الإسلام ابن تيمية ولا الحافظ ابن القيم ولا الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمهم الله- بل أنكر عليهم جماعة من العلماء قبل الشيخ ابن تيمية وبعده, فقد أنكر عليهم العلامة برهان الدين البقاعي والعلامة ابن المقري والعلامة ابن حجر العسقلاني, والعلامة تقي الدين محمد بن دقيق العيد الذي عاصر شيخ الإسلام ابن تيمية وكفرا ابن عربي وابن الفارض.

<<  <   >  >>