للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل السر في كثرة المصلين، وضعف أثر الصلاة في سلوكهم، هو أنهم لم يؤدوها إلا بهيئتها فقط، من قيام وركوع وسجود، ودعاء وتسبيح، وتكبير وتحميد، ولم يبلغوا درجة إقامتها تامة بحضور، وهكذا يتفاوت المصلون في الأجر والثواب وفي مدى استقامتهم في تنفيذ منهج الله، مع أن الأعمال التي يؤدونها في الصلاة واحدة، مما يؤكد تفاوت المصلين في روح الصلاة ولبها، وبقدر حضور القلب تكون إقامتها، ويكون أثرها ومدى انعكاسه على سلوك صاحبها.

جاء في الأثر: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له"١، انظر إلى حال المنافقين الذين يودون الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك كانوا في الدرك الأسفل من النار. قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} ٢.

من آثار الصلاة:

والصلاة مفتاح كل خير، تعطي القلب أنسا وسعادة، وتعطي الروح بشرا وطمأنينة، وتعطي الجسد نشاطا وحيوية، الإنسان لا يستمر على حال واحدة، فإن وجدته صافيا ساعة تعكر أخرى، وإن وجدته مسرورا من شيء، نكد عليه شيء آخر.


١ روي هذا الأثر عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا، أما الموقوف فرواه الطبري، وأما المرفوع فرواه الطبراني، ورواه أيضا مرسلا عن الحسن، رواه البيهقي في شعب الإيمان، ووقفه الإمام أحمد في كتاب الزهد من حديث ابن مسعود. انظر تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري: الزيلعي ٣/٤٤، ٤٥.
٢ سورة النساء الآيتان [١٤٢، ١٤٣] .

<<  <   >  >>