وتتعدد أنواع الصلاة، فللحضر صلاة، وللسفر صلاة وللمرض صلاة، وللخوف صلاة وللجمعة صلاة، وللعيدين صلاة، وللجنازة صلاة، وللإستسقاء صلاة، وللقيام صلاة وللضحى صلاة، وكأنها بهذا التعدد تطبب الإنسان، تداوي أسقامه، وتعالج علله وهمومها المتنوعة المتغيرة.
وتتكرر الصلوات المفروضة، لتكون بمثابة صيانة مستمرة للعبد، يعرض المسلم نفسه على خالقه، فيضل في رحاب الله، تحرسه مراقبته، يستمد منه سبحانه طاقات إيمانية تعينه على شواغل الحياة، فلا ينخدع بفتن الدنيا، وتشغله مادة، لأن قلبه يشحن من صلاة إلى صلاة، بزاد ينمي دوافع الخير، ويقضي على دوافع الشر، قال صلى الله عليه وسلم:" ... ولا يزال أحدكم في صلاة ما انظر الصلاة" ١.
وللصلاة آثار تربوية، فهي تربي نفسها على طاعة الخالق، وتعلم العبد آداب العبودية، وواجبات الربوبية، بما تخرسه في قلب صاحبها من قدرة الله وعظمته، وبطشه وشدته، ورحمته ومغفرته، كما تحليه تجمله بمكارم الأخلاق، لسموها بنفسه عن صفات الخسة والدناءة، فإذا فتشت عن أثر الصلاة فيه، وجدته صادقا أمينا قانعا وفيا حليما متواضعا عدلا، ينأى عن الكذب والخيانة والطمع، والغدر والغضب والكبر والظلم ...
وعندما يتجه المصلون في أنحاء الدنيا إلى القبلة، يشعر المسلم بالتآلف والوحدة، ونبذ الفرقة، فلا مكان للون أو جنس أو طبقية، فكلنا عبيد لله، إلهنا واحد، وديننا واحد، وقبلتنا واحدة، لا فرق بين غني وفقير، وعظيم وحقير، يتوخى المسلم الاستقامة في استقبال بيت
١ رواه البخاري ١/١٥٨-١٥٩ كتاب الآذان، باب فضل صلاة الجماعة.