للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ... وأما مقدار السفر الذي يقصر فيه ويفطر، فمذهب مالك والشافعي وأحمد أنه مسيرة يومين قاصدين بسير الإبل والأقدام هو ستة عشر فرسخاً١، كما بين مكة وعسفان ومكة وجدة، وقال أبو حنيفة: مسيرة ثلاثة أيام، وقال طائفة من السلف والخلف: بل يقصر ويفطر في أقل من يومين، وهذا قول قوي.."٢.

قال ابن قدامة: وإن شك في قدر السفر لم يبح القصر، لأن الأصل الإتمام، فلا يزول بالشك، والاعتبار بالنية دون حقيقة السفر، فلو نوى سفراً طويلاً فقصر، ثم بدا له فأقام أو رجع، كانت صلاته صحيحة، ولو خرج طالباً لآبق أو منتجعاً غيثًا، متى وجده رجع أو أقام لم يقصر ولو سافر شهراً.

ولو خرج مكرهاً كالأسير يقصد به بلداً بعينه فله القصر، لأنه تابع لمن يقصد مسافة القصر، فإذا وصل حصنهم أتم حينئذ نص عليه، وإن كان للبلد طريقان طويلة وقصيرة، فسلك البعيدة ليقصر، فله ذلك لأنه سفر يقصر في مثله، فجاز له القصر، كما لو لم يكن له طريق سواه٣.

الثاني: أن يكون السفر مباحاً؛ لأن الأسفار تنقسم إلى خمسة


١ والفرسخ ثلاثة أميال، والميل (١٦٠٩م) تقريباً، ١٦ × ٣ = ٤٨، ٤٨× ١٦٠٩= ٧٧٢٣٢ متراً، أي ما يزيد على سبعة وسبعين كيلو متراً، فأوصلناها ثمانين كيلو متراً تقريباً.
٢ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢٥/٢١٢، ويلاحظ أن الشيخ يرجح الرأي الأخير الذي لا يحدد المسافة، بل يربطها بالعرف.
٣ انظر الكافي: ابن قدامة ١/١٩٦، والمغني: ابن قدامة ٢/٢٥٨، ٢٥٩.

<<  <   >  >>