للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب إلى القول الأول جماعة من السلف، وهو مروي عن على بن أبي طالب، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي وذهب إلى القول الثاني مالك والشافعي، وذهب إلى القول الثالث أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي١. واحتج الموجبون للقتل بقول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} ٢، فجعلت الآية شرط تخلية سبيلهم التوبة، وأول عمل إقامة الصلاة، فإن لم يتحقق الشرط يجب القتل، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" ٣ والأحاديث في ذلك كثيرة.

واحتج أصحاب القول الثاني على عدم الكفر بقول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء} ٤، وبما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل الذي رواه أنس بن مالك: "ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار.." ٥، وورد نحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره.


١ نيل الأوطار: الشوكاني ١/٣٤١.
٢ سورة التوبة، الآية (٥) .
٣ رواه البخاري ١/١١، ١٢ كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم.
٤ سورة النساء، الآيتان (٤٨) ، (١١٦) .
٥ رواه مسلم ١/٦١ ح ٣٢.

<<  <   >  >>