للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتج أصحاب القول الثالث على عدم الكفر بأدلة أصحاب القول الثاني، وعلى عدم القتل بما روي عن مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة" ١، وليس فيه الصلاة.

قال الشوكاني: "والحق أنه كافر يقتل، أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم، وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة، فتركها، مقتض لجواز الإطلاق، ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون، لأنا نقول: لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة، ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفراً، فلا ملجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها"٢ وقد علل الشوكاني القول بوجوب القتل، بما شرطه الله في القرآن من التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فلا يخلى من لم يقم الصلاة، وبما صح من السنة التي تقضي صراحة بوجوب القتل. وذكر أن دليل مانعي القتل: "لا يحل دم امرئ مسلم"، لا يعارض مفهومه المنطوقات الصحيحة الصريحة ٣.

وما سيق من الأدلة التي ترى عدم كفر تارك الصلاة وعدم قتله، وتأويلها لم صرحت به الأحاديث بكفر تارك الصلاة إلى أنه كفر نعمة لا كفر ملة، أو كفر دون الكفر الأكبر، فيرد على هذا من وجوه:


١ رواه البخاري ٨/٣٨ كتاب الديات، باب النفس بالنفس والعين بالعين....
٢ نيل الأوطار: الشوكاني ١/٣٤١، ٣٤٢.
٣ المصدر السابق ١/٣٤١.٣٤١.

<<  <   >  >>