[١٦٤٢] صفدت الشَّيَاطِين الخ قَالَ القَاضِي عِيَاض يحْتَمل انه على ظَاهره وَحَقِيقَته وان تصفيد الشَّيَاطِين وتغليق أَبْوَاب جَهَنَّم وتفتيح أَبْوَاب الْجنَّة عَلامَة لدُخُول الشَّهْر وتعظيم لِحُرْمَتِهِ وَيكون التصفيد ليمتنعوا من ايذاء الْمُسلمين والتهويش عَلَيْهِم قَالَ وَيجوز ان يكون المُرَاد الْمجَاز وَتَكون إِشَارَة الى كَثْرَة الثَّوَاب وَالْعَفو وَلِأَن الشَّيَاطِين يقل أغواءهم وايذاءهم فيصيرون كالمصفدين وَيكون تصفيدهم عَن أَشْيَاء دون أَشْيَاء وَالنَّاس دون نَاس وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وَجَاء فِي حَدِيث آخر صفدت مَرَدَة الشَّيَاطِين قَالَ القَاضِي وَيحْتَمل ان يكون فتح أَبْوَاب الْجنَّة عبارَة عَمَّا يَفْتَحهُ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ من الطَّاعَات فِي هَذَا الشَّهْر الَّتِي لَا تقع فِي غَيره عُمُوما كالصيام وَالْقِيَام وَفعل الْخيرَات والانكفاف عَن كثير من المخالفات وَهَذِه أَسبَاب لدُخُول الْجنَّة وأبواب لَهَا وَكَذَلِكَ تغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَمَّا ينكفون عَنهُ من المخالفات وَمعنى صفدت غللت والصفد بِفَتْح الْفَاء الغل بِضَم الْغَيْن وَهُوَ معنى سلسلت فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى انْتهى
قَوْله صفدت بِلَفْظ الْمَجْهُول من التصفيد يصفده شده وأوثقه كأصفده وصفده وككتاب مَا يوثق بِهِ الاسير من قيد وَقَوله ومردة الْجِنّ بِفَتَحَات جمع مَا ورد وَهُوَ الغالي الشَّديد المتجرد للشر وَالْمرَاد من التصفيد والتغليق وَالْفَتْح الْمَذْكُورَة اما حقائقها أَو كِنَايَة عَن قلَّة اغواء الشَّيَاطِين وَفعل الْخيرَات والكف عَن المخالفات وَأغْرب من قَالَ بتخصيصه بِزَمَان النُّبُوَّة وَإِرَادَة الشَّيَاطِين المسترق للسمع وَالظَّاهِر الْعُمُوم وَلعدم خصوصها فِي ذَلِك الزَّمَان برمضان الا ان يُرَاد الْكَثْرَة أَو الْغَلَبَة لمعات وَفتحت أَبْوَاب الْجنَّة قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات فتح أَبْوَاب الْجنَّة كِنَايَة عَن التَّوْفِيق لِلْخَيْرَاتِ الَّذِي هُوَ سَبَب لدُخُول الْجنَّة وَكَذَلِكَ فتح أَبْوَاب السَّمَاء كَمَا فِي رِوَايَة كِنَايَة عَن تَنْزِيل الرَّحْمَة وَكَثْرَتهَا وتواترها وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وغلق أَبْوَاب جَهَنَّم كِنَايَة عَن تخلص نفوس الصوام من بواعث الْمعاصِي بقمع الشَّهَوَات وَلَا يحسن حملهَا على الظَّاهِر لِأَن ذكرهَا على سَبِيل لمن على الصوام وَأي فَائِدَة فِي فتح بَاب السَّمَاء وَكَذَا فِي فتح أَبْوَاب الْجنَّة وغلق أَبْوَاب جَهَنَّم لِأَنَّهُ لَا يدْخل فِيهَا أحد مَا دَامَ فِي هَذِه الدَّار الا ان يُقَال الْمَقْصُود بَيَان شرف رَمَضَان وفضله على سَائِر الشُّهُور وانزال الرَّحْمَة والتوفيق
والتخلص الْمَذْكُور حَاصِل أَيْضا أَو يحمل ذَلِك على أَن الْأَمر مُتَعَلق بِمن مَاتَ من صوام رَمَضَان من صالحي أهل الْإِيمَان وعصاتهم الَّذين استحقوا الْعقُوبَة فوصول الرّوح من الْجنَّة وَعدم إِصَابَة نفح جَهَنَّم وسمومها عَلَيْهِم فِي عَالم البرزخ أَكثر وأوفر على تَقْدِير الْفَتْح والغلق كَذَا قيل انْتهى
قَوْله ونادى مُنَاد يَا باغي الْخَيْر أقبل الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي طَالب الثَّوَاب اقبل هَذَا أَو انك فَإنَّك تُعْطى ثَوابًا كثيرا لعلم قَلِيل وَذَلِكَ لشرف الشَّهْر وَيَا من يسْرع وَيسْعَى فِي الْمعاصِي تب وارجع الى الله هَذَا أَو أَن قبُول التَّوْبَة قَوْله وَللَّه عُتَقَاء ولعلك تكون مِنْهُم قَوْله وَذَلِكَ فِي كل لَيْلَة قَالَ الطَّيِّبِيّ الْإِشَارَة اما للبعيد وَهُوَ النداء أَو للقريب وَهُوَ لله عُتَقَاء قلت الثَّانِي أرجح بِدَلِيل الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ وَأما ونادى فَإِنَّهُ مَعْطُوف على صفدت الَّذِي هُوَ جَوَاب إِذا كَانَت أول لَيْلَة (زجاجة)
قَوْله
[١٦٤٥] من صَامَ هَذَا الْيَوْم أَي الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ وَهُوَ الْيَوْم الْمُحْتَمل لِأَن يكون أول رَمَضَان بِأَن غم هلاله بغيم أَو غَيره وَالْمرَاد الصَّوْم بنية رَمَضَان وَالْمُخْتَار عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأكْثر الْأَئِمَّة ان لَا يَصُوم يَوْم الشَّك وان صَامَ فليصم بنية النَّفْل وَيسْتَحب ذَلِك عندنَا لمن صَامَ يَوْمًا يعْتَاد وللخواص وَيفْطر غَيرهم بعد نصف النَّهَار وَقَالَ أَحْمد وَجَمَاعَة إِذا كَانَ بالسماء غيم فَلَيْسَ صَوْم الشَّك ويحسب صَوْمه عَن رَمَضَان وَكَانَ بن عَمْرو وَكثير من الصَّحَابَة إِذا مضى من شعْبَان تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا التمسوا الْهلَال فَإِن رَأَوْهُ أَو سمعُوا خَبره صَامُوا والا فَإِن كَانَ المطلع صافيا بِغَيْر عِلّة أَصْبحُوا مفطرين وان كَانَ فِيهِ عِلّة صَامُوا وَحمل الْجُمْهُور على صَوْم النَّفْل لمعات
[١٦٥٤] فَإِن غم عَلَيْكُم أَي حَال بَيْنكُم وَبَينه غيم فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنه لَا يجوز صَوْم يَوْم الشَّك وَلَا يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان عَن رَمَضَان إِذا كَانَت لَيْلَة الثَّلَاثِينَ لَيْلَة غيم قَوْله فاقدروا لَهُ بِكَسْر الدَّال وَضمّهَا وَقيل الضَّم خطاء رِوَايَة قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي معنى فاقدروا لَهُ فَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمد وَغَيره مِمَّن يجوز صَوْم لَيْلَة الْغَيْم عَن رَمَضَان وَقَالَ بن شُرَيْح وَجَمَاعَة فيهم مطرف بن عبد الله وَابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ قدروه بِحِسَاب الْمنَازل وَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَجُمْهُور السّلف وَالْخلف الى ان مَعْنَاهُ قدرُوا لَهُ تَمام الْعدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا اواحتج الْجُمْهُور بالروايات الْمَذْكُورَة فِي مُسلم وَغَيره فأكملوا الْعدَد ثَلَاثِينَ وَهُوَ تَفْسِير لَا قدرُوا لَهُ وَلِهَذَا لم يجتمعا فِي رِوَايَة بل تَارَة يذكر هَذَا ويؤكده رِوَايَة فاقدروا ثَلَاثِينَ قَالَ الْمَازرِيّ حمل جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقدروا لَهُ على ان المُرَاد إِكْمَال الْعدة ثَلَاثِينَ كَمَا فسره فِي حَدِيث آخر قَالُوا وَلَا يجوز ان يكون المُرَاد حِسَاب المنجمين لِأَن النَّاس لَو كلفوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لَا يعرفهُ الا افراد وَالشَّرْع انما يعرف النَّاس بِمَا يعرف جماهيرهم انْتهى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute