للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢٠٨٩]

قَوْله فَجعل عَلَيْهِ مائَة محر رأى ذَلِك الرجل على نَفسه تَحْرِير مائَة رَقَبَة نذرا مُعَلّقا على طَلَاق امْرَأَته بِحَيْثُ ان طلق امْرَأَته لزمَه اعتاق مائَة رَقَبَة أَو جعل ذَلِك كَفَّارَة لعصيان الْوَالِد وَلَكِن لَا يحْتَملهُ قَول أبي الدَّرْدَاء اوف بِنَذْرِك وَقَوله يُصَلِّي الضُّحَى وَصلى مَا بَين الظّهْر وَالْعصر بَيَان لِكَثْرَة تعبد أبي الدَّرْدَاء (إنْجَاح)

[٢٠٩٣] لَا واستغفر الله قَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَي اسْتغْفر الله ان كَانَ الْأَمر على خلاف ذَلِك وَهُوَ ان لم يكن يَمِينا لكنه مشابهه من حَيْثُ انه اكد الْكَلَام وَلذَلِك سَمَّاهُ يَمِينا وَقَالَ الطَّيِّبِيّ والاوجه ان يُقَال ان الْوَاو فِي قَوْله واستغفر الله للْعَطْف وَهُوَ يَقْتَضِي مَعْطُوفًا عَلَيْهِ محذوفا والقرينة لَفْظَة لَا لِأَنَّهَا لَا تخلوا اما ان تكون توطية للقسم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى لَا أقسم أَو ردا للْكَلَام السَّابِق وانشاء قسم وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ الْمَعْنى لَا أقسم بِاللَّه واستغفر الله وَيُؤَيِّدهُ مَا ذهب اليه المظهري من قَوْله إِذا حلف رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمين لَغْو كَانَ يَقُول واستغفر الله عقبه تداركا لما جرى على لِسَانه من غير قصد وانكان معفوا عَنهُ لما نطق بِهِ الْقُرْآن ليَكُون دَلِيلا لامته على الِاحْتِرَاز عَنهُ (زجاجة)

[٢٠٩٤]

قَوْله ذَاكِرًا وَلَا أثر أَي مَا حَلَفت بهَا ذَاكِرًا أَي قَائِلا من قبل نَفسِي وَلَا آثرا أَي نَاقِلا عَن غَيْرِي وَهُوَ بِمد فَاعل وَمن الْأَثر كَذَا فِي الْجمع

[٢٠٩٥]

قَوْله بالطواغي قَالَ الْبَيْضَاوِيّ جمع طاغية وَهِي فاعلة من الطغيان وَالْمرَاد بهَا الْأَصْنَام سميت بذلك لِأَنَّهَا سَبَب الطغيان فَهِيَ كالفاعلة وَقيل الطاغية مصدر سمى بهَا الصَّنَم للْمُبَالَغَة ثمَّ جمع على طواغ كَذَا فِي الزجاجة وَقَالَ الشَّيْخ انما نهوا عَن ذَلِك لِئَلَّا يسْبق على لسانهم جَريا على عَادَة الْجَاهِلِيَّة والافهم بريؤن عَنْهَا انْتهى

قَوْله

[٢٠٩٨] من حلف بِملَّة سوى الْإِسْلَام نَحْو ان فعل كَذَا فَهُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو برِئ من الْإِسْلَام أَو من النَّبِي أَو من الْقُرْآن قَوْله كَاذِبًا بانكان قد فعله انكان الْحلف على الْمَاضِي اولا يفعل ان كَانَ فِي الْمُسْتَقْبل قَوْله فَهُوَ كَمَا قَالَ ظَاهر الحَدِيث انه يصير كَافِرًا اما بِمُجَرَّد الْحلف أَو بعد الْحِنْث كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَقَالَ الشَّيْخ مَذْهَب كثير من الْأَئِمَّة انه يَمِين يجب فِيهِ الْكَفَّارَة عِنْد الْحِنْث وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا لِأَنَّهُ لما علق الْكفْر بذلك الْفِعْل فقد حرم الْفِعْل وَتَحْرِيم الْحَلَال يَمِين وَكَذَا عِنْد أَحْمد فِي اشهر الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا من أهل الْمَدِينَة انه لَيْسَ يَمِين وَلَا كَفَّارَة فِيهِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ باسم الله وَلَا صفته فَلَا يدْخل فِي الْإِيمَان الْمَشْرُوعَة وَقد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كَانَ حَالفا فَلَا يحلف الا بِاللَّه وَلم يتَعَرَّض فِي الحَدِيث الْكَفَّارَة بل قَالَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَيْضًا اخْتلفُوا فِي أَنه يصير بِهِ كَافِرًا اولا فَقَالَ بَعضهم المُرَاد بقوله فَهُوَ كَمَا قَالَ التهديد وَالْمُبَالغَة فِي الْوَعيد كَمَا فِي قَوْله من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا وَقَالَ بَعضهم يكفر لِأَنَّهُ اسقط حُرْمَة الْإِسْلَام ورضى بالْكفْر ملتقط من اللمعات

[٢١٠١]

قَوْله من حلف بِاللَّه فليصدق بِصِيغَة الْمَعْرُوف من الْمُجَرّد أَي يَنْبَغِي للْحَالِف ان يحلف بِاللَّه صَادِقا لِأَن الْيَمين الْغمُوس من أكبر الْكَبَائِر وَقَوله من حلف لَهُ بِاللَّه فَحلف هُنَا بِصِيغَة الْمَجْهُول وَهَذَا الحكم للمستحلف كَمَا ان الحكم السَّابِق للْحَالِف فالغرض ان الْحَالِف إِذا حلف بِاللَّه يحبب على المستحلف تَصْدِيقه وَلَا يستحلفه لغير الله تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق وَبِغير ذَات الله تَعَالَى كَمَا هُوَ شَائِع فِي الجهلاء والسفهاء بِأَنَّهُم يحلفُونَ بِاللَّه تَعَالَى فجاءة وَلَا يحلفُونَ بمعتقدهم من مشائخهم ومعبوديهم أصلا اتَّخذُوا احبارهم وَرُهْبَانهمْ اربابا من دون الله فَالْحَاصِل ان الْحَالِف إِذا بلغ فسقه بِحَيْثُ استعظم غير الله تَعَالَى على ذَاته فَلَيْسَ هُوَ محلا للصدق لِأَن فسقه بلغ الى حد الْكفْر والمستحلف لَا يستحلفه بِغَيْرِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا عِبْرَة بحلفه أصلا فَإِن الْفَاجِر لَا يتحاشى عَن الْحلف كَاذِبًا بِفُجُورِهِ فَلَا فَائِدَة فِي حلفه وَلذَا اوعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المستحلف بقوله من لم يرض بِاللَّه فَلَيْسَ من الله أَي لَيْسَ من دين الله بِشَيْء وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على أهل الْإِسْلَام وَأما تَحْلِيف الْكَفَرَة بِأَكْل لحم الْبَقَرَة فِي حق كفرة الْهِنْد فِي قَضَاء الْحُقُوق فقد جوزه بعض الْفُقَهَاء لِأَنَّهُ لَا يصلح ان يحكم عَلَيْهِ بقول الشَّارِع من حلف بِاللَّه فليصدق لِأَن الْمُكَلف بِهَذِهِ الْفُرُوع أهل الْإِسْلَام لَا الْكفَّار وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال (إنْجَاح)

[٢١٠٢]

قَوْله كذبت بصرى أَي فِي جنب عَظمَة الله تَعَالَى لِأَنِّي لَا أَظن أحدا يحلف بِاللَّه كَاذِبًا وَهَذَا محمل الحَدِيث السَّابِق من حلف لَهُ بِاللَّه فليرض (إنْجَاح)

[٢١٠٣]

قَوْله انما الْحلف حنث أَو نَدم الْحِنْث الذَّنب أَي لَا يخلوا الْحلف غَالِبا عَن الْحِنْث أَو الندامة لِأَن اللِّسَان فِي حَالَة الْغَضَب يسْبق غَالِبا على الْحلف على أَمر ضَرُورِيّ من الْأكل وَالشرب أَو تَحْرِيم حَلَال غَيرهمَا فَإِذا أصر على ذَلِك وَلَا يُطيق تحمله نَدم وَإِن لم يصر وَنقض الْحلف إِثْم فإمَّا أَن يتداركه بِالْكَفَّارَةِ فَهُوَ أَيْضا ندامة لِأَنَّهُ صرف المَال بِلَا غَرَض ديني أَو دُنْيَوِيّ وَإِنَّمَا مآله إِزَالَة الْإِثْم وَلَو كَانَ لم يحلف مَا أَثم واهان لَا يكفر فَيبقى تَحْرِيمه (إنْجَاح)

قَوْله

<<  <   >  >>