للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢٥٨٣] لعن الله السَّارِق الخ أَي ابعده الله تَعَالَى عَن رَحمته وَالْمذهب ان اللَّعْن على رجل مَخْصُوص لم ينص كفره عَن الشَّارِع كابليس وَفرْعَوْن وَأبي جهل غير جَائِز وإنكان كَافِرًا لأَنا لَا نقطع بِسوء الخاتمة لَاحَدَّ وَلم يبين الشَّارِع لنا وَلذَا منع السّلف عَن اللَّعْن على يزِيد وجوزوا اللَّعْن على قَاتل مُؤمن لقَوْله تَعَالَى من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا فجزاءه جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَاعد لَهُ عذَابا عَظِيما فاللعن على قوم مَخْصُوص بِفعل كالسرقة وَالْقَتْل جَائِز وَقد ورد أَمْثَاله على لِسَان الشَّرْع كثيرا ثمَّ المُرَاد من الْبَيْضَة قيل بَيْضَة الْحَدِيد وَهُوَ مَا يلْبسهُ الْمُحَارب عِنْد الْقِتَال وَمن الْحَبل هُوَ حَبل السَّفِينَة وهما ذُو ثمن وَقيل المُرَاد مِنْهُمَا الشَّيْء الْيَسِير فَإِن عشرَة دَرَاهِم مثلا يسيرَة فِي جنب الْيَد بِفَوَات الْمَنْفَعَة الْعَظِيمَة بقطعها فَكَأَنَّهُ قَالَ لعن الله السَّارِق يسرق الشَّيْء التافه فتقطع يَده بِسَبَبِهِ (إنْجَاح)

قَوْله يسرق الْبَيْضَة قَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي بالبيضة الخوذة وَقَالَ بن قُتَيْبَة الْوَجْه فِي الحَدِيث ان الله لما انْزِلْ وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا ايديهما قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن الله السَّارِق يسرق الْبَيْضَة فتقطع يَده على ظَاهر مَا نزل عَلَيْهِ يَعْنِي بَيْضَة الدَّجَاجَة وَنَحْوهَا ثمَّ أعلم الله بعد ان الْقطع لَا يكون الا فِي ربع دِينَار فَمَا فَوْقه وانكرتا وَيْلَهَا بالخوذة لِأَن هَذَا لَيْسَ مَوضِع تَكْثِير لما يَأْخُذهُ السَّارِق إِنَّمَا هُوَ مَوضِع تقليل فَإِنَّهُ لَا يُقَال قبح الله فلَانا عرض نَفسه للضرب فِي عقد جَوْهَر إِنَّمَا يُقَال لعن الله فلَانا تعرض لقطع يَده فِي خلق رث أَو كبة شعر (زجاجة)

قَوْله يسرق الْبَيْضَة قيل أَرَادَ بَيْضَة الْفضة وحبل السَّفِينَة والا فالبيضة وَالْحَبل المعروفان من الْأَشْيَاء التافهة وَلَا يَصح فِيهَا قطع الْعُضْو وَالْحق ان ذَلِك وَارِد بطرِيق التَّمْثِيل وَلَيْسَ الْغَرَض بَيَان حكم الْقطع فيهمَا بخصوصهما وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الْجُمُعَة من قرب دجَاجَة من قرب بَيْضَة مَعَ ان الدَّجَاجَة والبيضة لَا يَصح التَّقَرُّب بهما وَإِنَّمَا الْغَرَض تَصْوِير الثَّوَاب الْقَلِيل لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس الله سره

[٢٥٨٥] لَا تقطع الْيَد الا فِي ربع دِينَار وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَذهب مَالك وَأحمد الى انه سبع دِينَار أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يقطع الا فِي عشرَة دَرَاهِم وَقَالُوا ان الاخذ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَاب أولى احتيالا للدرء فاعرف انه قد قيل فِي ثمن الْمِجَن أَكثر مِمَّا ذكر وَلِحَدِيث ايمن رَوَاهُ الْحَاكِم عَن مُجَاهِد عَن ايمن قَالَ لم تقطع الْيَد على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا فِي ثمن الْمِجَن وثمنه يَوْمئِذٍ دِينَار وَقد اخْتلف فِي تَقْوِيم الْمِجَن فروى ثَلَاثَة أَو عشرَة فَيجب الاخذ بِالْأَكْثَرِ لايجاب الشَّرْع الدرء مَا أمكن ثمَّ يقوى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِسَنَدِهِ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ ثمن الْمِجَن على عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَقد روى عَن بن مَسْعُود أَنه قَالَ لَا قطع الا فِي دِينَار أَو عشرَة دَرَاهِم وَهُوَ مُرْسل وروى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي قَالَ لَا تقطع الْيَد فِي أقل من عشرَة دَرَاهِم وَلَا يكون الْمهْر أقل من عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ مُحَمَّد بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ وَعبد الله بن عمر وعامر وَإِبْرَاهِيم فتح الْقَدِير مُخْتَصرا

قَوْله

[٢٥٨٩] فبيعوه بنش النش عشرُون درهما وَهُوَ بِإِظْهَار الْعَيْب لِأَنَّهُ لَا يَلِيق الْمُسلم ان يغتر الْمُسلم وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح تحب لاخيك مَا تحب لنَفسك قَالَ الطَّيِّبِيّ العَبْد إِذا سرق قطع آبقا كَانَ أَو غير آبق وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَمر بِهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعَامة أهل الْعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[٢٥٩٠] من رَقِيق الْخمس أَي المَال الَّذِي خمس من الْمغنم وَإِنَّمَا لم يقطعهُ إِمَّا بِعَدَمِ الْحِرْز وَإِمَّا لكَونه فِي دَار الْحَرْب وَذَلِكَ بِسَبَب خوف الارتداد واللحوق بهم وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[٢٥٩٥] فَهَلا قبل ان تَأتِينِي بِهِ أَي فَهَلا تَصَدَّقت وَتركت حَقك قبل وُصُوله الي وَأما الْآن فَقَطعه وَاجِب لَيْسَ لَك فِيهِ حق بل هُوَ حق الشَّرْع ثمَّ انهم شرطُوا فِي كَون الْمَسْجِد حوزا ان يكون هُنَا محافظ وَقَالَ فِي الدّرّ وَيعْتَبر أَي الْحَافِظ فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ لَيْسَ بحرز وَبِه يغتي انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله

[٢٥٩٦] مَا اخذ فِي أكمامه الاكمام جمع كم وَهُوَ بِالْكَسْرِ دُعَاء الطّلع وغطاء النُّور كالكمامة بِالْكَسْرِ فيهمَا وَجمعه اكمة واكمام وكمام كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)

قَوْله فَاحْتمل أَي حمل تِلْكَ الثِّمَار وَذهب بهَا فثمنه أَي فَعَلَيهِ غَرَامَة ثمنه وَمثله مَعَه وَهَذِه سياسة والا فقد قَالَ الله جلّ ذكره فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم وَمَا كَانَ فِي الجرن فِي الْقَامُوس الجرن بِالضَّمِّ وكامير ومنير البيدر انْتهى وَفِي الْمجمع هُوَ مَوضِع لتجفيف التَّمْر وَهُوَ لَهُ كالبيدر للحنطة وَالشعِير انْتهى فَفِيهِ الْقطع قَالَ الطَّيِّبِيّ الْحِرْز مَشْرُوط فَلَا قطع الا فِيمَا سرق من حرز وَالْمُعْتَبر فِيهِ الْعرف قلت اما عندنَا فَلَا قطع فِيمَا يتسارع اليه الْفساد كاللبن وَاللَّحم والفواكه الرّطبَة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا قطع فِي ثَمَر وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا قطع فِي الطَّعَام وَالْمرَاد مَا يتسارع اليه الْفساد كالمهيا للْأَكْل وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَاللَّحْمِ وَالتَّمْر كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح)

قَوْله وان أكل وَلم يَأْخُذ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضا مَحْمُول على الْعرف فَإِن لم يرض بِهِ صَاحب الْبُسْتَان فيعزر قَالَ الشَّاة الحريسة أَي الَّتِي تحرس بِالْجَبَلِ فَفِيهِ ثمنهَا وَمثله مَعَه وَهَذَا أَيْضا سياسة كَمَا مر والنكال الْعقُوبَة وَقَوله مَا كَانَ فِي المراح وَهُوَ مأوى الْإِبِل وَالْغنم بِاللَّيْلِ فَفِيهِ الْقطع للحرز (إنْجَاح)

قَوْله

[٢٥٩٧] مَا اخالك سرقت بِكَسْر الْهمزَة أفْصح أَي مَا اظنك وَفِيه انه لَو انكر فَلَا قطع قَالَ فِي الدّرّ وَندب تلقينه كَيْلا يقر بِالسَّرقَةِ وَأما إِذا كَانَ عَلَيْهِ شُهُود فَلَا يسْقط الْحَد (إنْجَاح)

قَوْله اسْتغْفر الله الخ هَذَا مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدل على ان الْحَد لَيْسَ مطهرا بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ فَسَاد النِّيَّة وَإِنَّمَا مطهر لعين ذَلِك الذَّنب فَلَا عتاب عَلَيْهِ ثَانِيًا من جِهَة الرب قَالَ القَاضِي بِهَذَا الحَدِيث يستشهد على ان للامام ان يعرض للسارق بِالرُّجُوعِ قَالَ بن الْهمام وَيجب الْقطع بِإِقْرَارِهِ مرّة وَاحِدَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأكْثر عُلَمَاء الْأمة وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع وَهُوَ قَول أَحْمد وَابْن أبي ليلى وَزفر وَابْن شبْرمَة لهَذَا الحَدِيث حَيْثُ لم يقطعهُ الا بعد تكْرَار اقراره وَلأبي حنيفَة مَا اسنده الطَّحَاوِيّ الى أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الحَدِيث قَالُوا يَا رَسُول الله ان هَذَا سرق فَقَالَ مَا اخاله سرق فَقَالَ السَّارِق بلَى يَا رَسُول الله قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فاقطعوه ثمَّ احسموه ثمَّ ائْتُونِي بِهِ قَالَ فَذهب بِهِ فَقطع الحَدِيث فقد قطعه بِإِقْرَارِهِ مرّة انْتهى (مرقاة)

قَوْله

<<  <   >  >>