[٢٩٥٥] وَلَوْلَا ان قَوْمك حَدِيث عهد بِكفْر الخ أَرَادَ قرب عَهدهم بالْكفْر وَالْخُرُوج مِنْهُ الى الْإِسْلَام وَإنَّهُ لم يتَمَكَّن الدّين فِي قُلُوبهم فَلَو هدمت رُبمَا انفروا مِنْهُ وَقَوله لنظرت هَل اغيره وَفِي مُسلم لنقضت الْكَعْبَة ولجعلتها على أساس إِبْرَاهِيم قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل الْقَوَاعِد من الاحكام مِنْهَا إِذا تَعَارَضَت الْمصَالح أَو تَعَارَضَت مصلحَة ومفسدة وَتعذر الْجمع بَين فعل الْمصلحَة وَترك الْمفْسدَة بُدِئَ بالاهم لِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر أَن نقض الْكَعْبَة وردهَا الى مَا كَانَت عَلَيْهِ من قَوَاعِد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مصلحَة وَلَكِن تعارضه مفْسدَة أعظم مِنْهُ وَهِي خوف الْفِتْنَة لبَعض من أسلم قَرِيبا وَذَلِكَ لما كَانُوا يعتقدونه من فضل الْكَعْبَة فيرون تغيرها عَظِيما فَتَركهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا فكر ولي الْأَمر فِي مصَالح رَعيته واجتنابه مَا يخَاف مِنْهُ تولد ضَرَر يلهيهم فِي دين أَو دنيا الا الْأُمُور الشَّرْعِيَّة كأخذ الزَّكَاة وَإِقَامَة الْحُدُود وَنَحْو ذَلِك وَمِنْهَا تألف قُلُوب الرّعية وان لَا ينفروا وَلَا يتَعَرَّض الا يخَاف تنفيرهم بِسَبَبِهِ مَا لم يكن فَهِيَ ترك أَمر شَرْعِي قَالَ الْعلمَاء بنى الْبَيْت خمس مَرَّات بنته الْمَلَائِكَة ثمَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَحضر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبناء وَله خمس وَثَلَاثُونَ سنة وَقيل خمس وَعِشْرُونَ وَفِيه سقط على الأَرْض حِين رفع إزَاره ثمَّ بناه بن الزبير ثمَّ الْحجَّاج بن يُوسُف وَاسْتمرّ الى الان على بِنَاء الْحجَّاج وَقيل بنى مرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ الْعلمَاء وَلَا يُغير عَن هَذَا الْبناء وَقد ذكرُوا ان هَارُون الرشيد سَأَلَ مَالك بن أنس عَن هدمها وردهَا الى بِنَاء بن الزبير للاحاديث الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب فَقَالَ مَالك نشدتك الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان تجْعَل هَذَا الْبَيْت لعبة للملوك لَا يشار أحدا لَا نقضه وبناه فتذهب هيبته من صُدُور النَّاس انْتهى
قَوْله
[٢٩٥٧] وَمن طَاف فَتكلم أَي بِتِلْكَ الْكَلِمَات وَهُوَ فِي حَالَة الطّواف وَإِنَّمَا كرر من طَاف ليناط بِهِ غير مَا نيط بِهِ اولا وليبرز الْمَعْنى الْمَعْقُول فِي صُورَة الْمشَاهد المحسوس كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَيُمكن ان يكون مَعْنَاهُ تكلم بِكَلَام النَّاس دون مَا ذكر من التَّسْبِيح وَغَيره مُقَابلا لقَوْله وَلَا يتَكَلَّم الا بسبحان الله أَي لَا يتَكَلَّم بِغَيْر ذكر الله فَيكون مُقَابِله أَي يتَكَلَّم بِغَيْر ذكره مَعَ ذَلِك يكون لَهُ ثَوَاب لكنه يكون كالخائض فِي الرَّحْمَة برجليه وأسفل بدنه لكَونه عَالما دَعَاهَا وَلَا يبلغ الرَّحْمَة الى أَعْلَاهُ لكَونه بِغَيْر ذكر الله وَإِذا لم يتَكَلَّم الا بِذكر الله يسْتَغْرق فِي بَحر الرَّحْمَة من قدمه الى رَأسه وَمن أَسْفَله الى أَعْلَاهُ هَكَذَا يختلج فِي الْقلب معنى الحَدِيث وَالله أعلم لمعات
قَوْله كخائض المَاء برجليه إِنَّمَا شبهه بخائض المَاء برجليه لعدم النَّفْع التَّام بِهَذَا الطّواف فَإِن من خَاضَ المَاء بِرجلِهِ لَا بِكُل جسده لَا يحصل لَهُ التطهر وَلَا التبرد وَلَا ينقى من الدنس فَكَذَلِك هَذَا (إنْجَاح)
قَوْله
[٢٨٥٨] قَالَ بن ماجة هَذَا بِمَكَّة خَاصَّة أَي الصَّلَاة بِغَيْر الستْرَة مَخْصُوصَة بِمَكَّة والا فالمرور بَين يَدي الْمُصَلِّي حرَام وان قَامَ الْمُصَلِّي فِي ممر النَّاس فالوزر عَلَيْهِ وَخص الْفُقَهَاء من الْمصلى الى مَوضِع النّظر فِي الصَّحرَاء وَالْمَسْجِد الْكَبِير وَأما فِي الْبَيْت وَالْمَسْجِد الصَّغِير فَلَا يحل الْمُرُور من بَين يَدَيْهِ مُطلقًا (إنْجَاح)