[٣٨٤٩] عَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبر الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم فَإِن الصدْق يهدي الى الْبر قلت الْبر اسْم جَامع للخير كُله وَقيل الْبر الْجنَّة وَيجوز ان يتَنَاوَل الْعَمَل الصَّالح وَالْجنَّة والفجور هُوَ الْميل عَن الاسْتقَامَة وَقيل الانبعاث فِي الْمعاصِي وَمعنى الحَدِيث ان الصدْق يُوصل الى الْعَمَل الصَّالح الْخَالِص من كل مَذْمُوم بل يصاحبه وَالْكذب يُوصل الى الْعَمَل السؤبل يصاحبه فالزموا عَلَيْكُم الصدْق واعتنوا بِهِ وَاجْتَنبُوا عَن الْكَذِب واحذروا عَنهُ (فَخر)
قَوْله وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تباغضوا الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْحَسَد تمني زَوَال النعم وَهُوَ حرَام والتدابر والمعاداة وَقيل المقاطعة لِأَن كل وَاحِد يولي صَاحبه دبره وَمعنى كونُوا عباد الله اخوانا أَي تعاملوا وتعاشروا مُعَاملَة الاخوة ومعاشرتهم فِي الْمَوَدَّة والمرفق والشفقة والملاطفة والتعاون فِي الْخَيْر وَنَحْو ذَلِك مَعَ صفاء الْقُلُوب والنصيحة بِكُل حَال قَالَ بعض الْعلمَاء وَفِي النَّهْي عَن التباغض إِشَارَة الى النَّهْي عَن الْهَوَاء المضلة الْمُوجبَة للتباغض انْتهى
قَوْله وَلَا تقاطعوا أَي الرَّحِم قَالَ القَاضِي عِيَاض الرَّحِم الَّتِي توصل وتقطع تبتر إِنَّمَا هِيَ معنى من الْمعَانِي لَيست بجسم وَإِنَّمَا هِيَ قرَابَة وَنسبَة تجمعه رحم وَالِدَة ويتصل بعضه بِبَعْض فَسمى ذَلِك الِاتِّصَال رحما وَالْمعْنَى لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا الْقيام وَلَا الْكَلَام فَيكون ذكر قِيَامهَا وتعلقها فِي حَدِيث قَامَت الرَّحِم وَفِي حَدِيث الرَّحِم معلقَة بالعرش ضرب مثل وَحسن اسْتِعَارَة على عَادَة الْعَرَب وَالْمرَاد تَعْظِيم شَأْنهَا وفضيلة واصليها وعظيم اثم قاطعيها بعقوقهم وَحَقِيقَة الصِّلَة الْعَطف وَالرَّحْمَة قَالَ وَلَا خلاف ان صلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الْجُمْلَة وقطيعتها مَعْصِيّة كَبِيرَة وَالْأَحَادِيث تشهد لهَذَا وَلَكِن للصلة دَرَجَات بَعْضهَا ارْفَعْ من بعض وادناها ترك المهاجرة وصلتها بالْكلَام وَلَو بِالسَّلَامِ وَيخْتَلف ذَلِك باخْتلَاف الْقُدْرَة وَالْحَاجة فَمِنْهَا وَاجِب وَمِنْهَا مُسْتَحبّ لَو وصل بعض الصِّلَة وَلم يصل غايتها لَا يُسمى قَاطعا وَلَو قصر عَمَّا يقدر عَلَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ لم يسم واصلا وَاخْتلفُوا فِي حد الرَّحِم الَّتِي تجب صلتها فَقيل هُوَ كل رحم محرم بِحَيْثُ لَو كَانَ أَحدهمَا ذكر والاخر أُنْثَى حرمت مناكحتها فعلى هَذَا لَا يدْخل أَوْلَاد الاعمام وَلَا أَوْلَاد الاخوال وَاحْتج هَذَا الْقَائِل بِتَحْرِيم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا فِي النِّكَاح وَنَحْوه وَجَوَاز ذَلِك فِي بَنَات الاعمام والاخوال وَقيل هُوَ عَام فِي كل رحم
من ذَوي الْأَرْحَام فِي الْمِيرَاث يَسْتَوِي الْمحرم وَغَيره وَيدل عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ ادناك ادناك هَذَا كَلَام القَاضِي وَهَذَا القَوْل الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب
قَوْله وَلَا تدابروا أَي لَا يعْطى كل وَاحِد اخاه دبره وَقَفاهُ فَيعرض عَنهُ ويهجره (إنْجَاح)
[٣٨٥٢] وأخا عَاد هُوَ هود عَلَيْهِ السَّلَام الْمَذْكُور فِي التَّنْزِيل وَاذْكُر أَخا عَاد إِذا نذر قومه بالاحقاف الْآيَة (إنْجَاح)
قَوْله
[٣٨٥٣] يُسْتَجَاب لاحدكم مَا لم يعجل الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم مَا لم يستعجل قيل يَا رَسُول الله مَا الاستعجال قَالَ يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي فيستحسر عِنْد ذَلِك ويدع الدُّعَاء قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال حسر واستحسر إِذا عيى وَانْقطع عَن الشَّيْء وَالْمرَاد هُنَا انه يَنْقَطِع عَن الدُّعَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته وَلَا يستحسرون أَي لَا ينقطعون عَنْهَا فَفِيهِ انه يَنْبَغِي ادامة الدُّعَاء وَلَا يستبطئ الْإِجَابَة قَالَه النَّوَوِيّ
قَوْله
[٣٨٥٤] وليعزم المسئلة فَإِن الله لَا مكره لَهُ قَالَ الْعلمَاء عزم المسئلة الشدَّة فِي طلبَهَا والجزم بِهِ من غير ضعف فِي الطّلب وَلَا تَعْلِيق على مشْيَة وَنَحْوهَا وَقيل هُوَ حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى فِي الْإِجَابَة وَمعنى الحَدِيث اسْتِحْبَاب الْجَزْم فِي الطّلب وَكَرَاهَة التَّعْلِيق على المشية قَالَ الْعلمَاء سَبَب كَرَاهَته انه لَا يتَحَقَّق اسْتِعْمَال المشية الا فِي حق من يتَوَجَّه عَلَيْهِ الْإِكْرَاه وَالله تَعَالَى منزه عَن ذَلِك وَهُوَ معنى قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخر الحَدِيث فَإِنَّهُ لَا مكره لَهُ وَقيل سَبَب الْكَرَاهَة ان فِي هَذَا اللَّفْظ صُورَة اسْتغْنَاء عَن الْمَطْلُوب وَالْمَطْلُوب مِنْهُ
قَوْله
[٣٨٥٦] فِي سور ثَلَاث أما فِي الْبَقَرَة فَفِي فَاتِحَة اية الْكُرْسِيّ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم واما فِي آل عمرَان فَفِي فاتحتها الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم واماطة فَفِي اية الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى (إنْجَاح)
قَوْله
[٣٨٥٧] باسمه الْأَعْظَم اعْلَم انه اخْتلفت فِي الِاسْم الْأَعْظَم فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ والباقلاني وَغَيرهمَا ان أَسمَاء الله كلهَا عَظِيمَة لَا يجوز تَفْضِيل بَعْضهَا على بعض وَمَا ورد من ذكر الِاسْم الْأَعْظَم المُرَاد بِهِ الْعَظِيم وَقَالَ بن حبَان الاعظمية الْوَارِدَة فِي الاخبار المُرَاد بهَا مزِيد ثَوَاب الدَّاعِي بذلك يَعْنِي لَيْسَ فِي ذَاته زِيَادَة عَظِيمَة بل ذَلِك بِاعْتِبَار أَمر خَارج وَقيل لَا يُعلمهُ الا هُوَ وَلم يطلع أحد من خلقه عَلَيْهِ كَمَا قيل بذلك فِي لَيْلَة الْقدر وَسَاعَة الْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقد عينه بَعضهم بِظَاهِر مَا ورد فِي الْأَحَادِيث لمعات مَعَ تَغْيِير
قَوْله إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى الخ السُّؤَال ان يَقُول العَبْد اعطني الشَّيْء الْفُلَانِيّ فَيعْطى وَالدُّعَاء ان يُنَادي وَيَقُول يَا رب فيجيب الرب تَعَالَى وَيَقُول لبيْك يَا عَبدِي فَفِي مُقَابلَة السُّؤَال الْإِعْطَاء وَفِي مُقَابلَة الدُّعَاء الْإِجَابَة وَهَذَا هُوَ الْفرق بَينهمَا وَيذكر أَحدهمَا مقَام الاخر أَيْضا فَتدبر (إنْجَاح)
قَوْله