[٨٧٥] رَبنَا وَلَك الْحَمد بِالْوَاو وَورد بِدُونِهَا قَالَ الطَّيِّبِيّ والمختاران الْوَجْهَيْنِ جائزان وَلَا رُجْحَان لأَحَدهمَا على الاخر وَقَالَ القَاضِي عِيَاض على اثبات الْوَاو يكون قَوْله رَبنَا مُتَعَلق بِمَا قبله تَقْدِيره سمع الله لمن حَمده يَا رَبنَا فاستجب حمدنا ودعاءنا وَلَك الْحَمد انْتهى قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا الحَدِيث تمسك امام أَبُو حنيفَة أَي فِي اتيان الامام بالتسميع وَالْمَأْمُوم بالتحميد وان لَا يجمع الامام بَينهمَا لِأَن هَذَا قسْمَة وَالْقِسْمَة تنَافِي الشّركَة وَلِهَذَا لَا يَأْتِي المقتدى بالتسميع عندنَا وَمذهب مَالك أَيْضا مثل مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَذَا مَذْهَب أَحْمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ تمسكا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَعند الشَّافِعِي كَمَا ذكره الطَّيِّبِيّ الْجمع بَينهمَا للامام والماموم وَالْمُنْفَرد لِأَنَّهُ ثَبت أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي انْتهى وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ القادري فِيهِ ان الدَّلِيل القولي أقوى من الدَّلِيل الْفعْلِيّ لِأَن قَوْله تشريع لَا يحْتَمل الخصوصية بِخِلَاف فعله وَأَيْضًا يحمل جمعه على حَالَة الِانْفِرَاد وافراده على حَالَة الْجمع وَبِه يحصل الْجمع ويوافق قَوْله صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَالله أعلم لمعات ومرقاة
قَوْله مَلأ السَّمَاوَات بِالنّصب وَهُوَ أشهر صفة مصدر مَحْذُوف وَقيل حَال أَي حَال كَونه ماليا لتِلْك الْأَجْسَام على تَقْدِير تجسمه وبالرفع صفة الْحَمد والملاء بِالْكَسْرِ مَا يَأْخُذهُ الْإِنَاء إِذا امْتَلَأَ وَهُوَ مجَاز عَن الْكَثْرَة قَالَ المظهري هَذَا تَمْثِيل إِذا الْكَلَام لَا يقدر بالمكائيل وَلَا تسعه الْأَدْعِيَة إِنَّمَا المُرَاد مِنْهُ تكْثر الْعدَد حَتَّى لَو قدر أَن تِلْكَ الْكَلِمَات تكون اجساما تملأ الْأَمَاكِن لبلغت من كثرتها مَا تملأ السَّمَاوَات والارضين قَوْله بعد أَي بعد ذَلِك أَي مَا بَينهمَا أَو غير مَا ذكر من الْعَرْش والكرسي وَمَا تَحت الثرى وَالْمرَاد بملاء مَا شِئْت مَا تعلق بِهِ مشيته قَالَ التوربشتي هَذَا أَي مَلأ مَا شِئْت يُشِير الى الِاعْتِرَاف بِالْعَجزِ من أَدَاء حق الْحَمد ١٢ (مرقاة)
[٨٧٩] ذكرت الجدود الخ جمع جد بِالْفَتْح وَهُوَ الثروة والرفعة فِي الدُّنْيَا أَي ذكر الصَّحَابَة ان فلَانا ذُو ثروة فِي الْخَيل وَفُلَان فِي الْإِبِل وَهَكَذَا فكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن الدُّنْيَا ذَاهِبَة ومتاعها قَلِيل وَدُنْيا الرجل لَا تَنْفَع من الله شَيْئا يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون الا من أَتَى الله بقلب سليم فَأنْكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا مَانع الخ (إنْجَاح)
قَوْله لَا ينفع ذَا الْجد الخ الْمَشْهُور فتح الْجِيم بِمَعْنى العظمة والخط وَالْعِتْق أَو النّسَب قَالَ التوربشتي أَي لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناءه وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل بطاعتك فَمَعْنَى مِنْك عنْدك وَيحْتَمل وَجها آخر أَي لَا يُسلمهُ من عذابك غناهُ قَالَ المظهري أَي لَا يمْنَع عَظمَة الرجل وغناه عذابك عَنهُ ان شِئْت عَذَابه وَقيل لَا ينفع مَعْطُوف على مَا قبله أَي لَا ينفع عطاءه كَمَا لَا يضر مَنعه وَذَا الْجد منادى الى الْجد وَقيل الْجد أَب الْأَب أَو أَب الْأُم أَي لَا ينفع ذَا النّسَب الشريف نسبه مِنْك وَقَالَ الرَّاغِب الْمَعْنى لَا يتَوَصَّل الى ثَوَاب الله فِي الْآخِرَة بالجد وَإِنَّمَا ذَلِك بِالطَّاعَةِ انْتهى أَو فِي بعض الرِّوَايَات وَقيل من النّسخ بِكَسْر الْجِيم فَالْمَعْنى لَا يَنْفَعهُ مُجَرّد جده وجهده وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ التَّوْفِيق وَالْقَبُول مِنْك بِعَمَلِهِ (مرقاة)
قَوْله فَلَو أَن بهمة بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْهَاء ولد الضَّأْن والمعز أكبر من السخلة (إنْجَاح)
قَوْله بالقاع القاع الْمَكَان المستوي الْوَاسِع فِي وطاءة من الأَرْض يعلوه مَاء السَّمَاء فيمسكه وَيُسَوِّي بِذَاتِهِ والنمرة بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم مَكَان قريب العرفات والعفرة بِالضَّمِّ بَيَاض لَيْسَ بناضع خَالص وَنَظره الى عفريته لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يبعد عضديه عَن جَنْبَيْهِ (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[٨٨٢] وضع رُكْبَتَيْهِ الخ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أَكثر أهل الْعلم مِنْهَا أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد عملا بِهَذَا الحَدِيث وَذهب مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة الى أَن يضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير وليضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ وَلَا يخفى ان أول هَذَا الحَدِيث يُخَالف آخِره لِأَنَّهُ إِذا وضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ فقد برك برك الْبَعِير وأوله الْمنْهِي عَنهُ وَمَا قيل فِي توفيقه أَن الرّكْبَة من الْإِنْسَان فِي الرجلَيْن وَمن ذَوَات الْأَرْبَع فِي الْيَدَيْنِ فَرده صَاحب الْقَامُوس فِي سفر السَّعَادَة وَقَالَ هَذَا وهم وَغلط ومخالف لائمة اللُّغَة وَقَالَ على الْقَارِي وَالَّذِي يظْهر لي وَالله أعلم أَن هَذَا الحَدِيث آخِره الْقلب على بعض الروَاة وَأَنه كَانَ لَا يضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ بَعضهم هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ بِحَدِيث مُصعب بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه قَالَ كُنَّا نضع الْيَدَيْنِ قبل الرُّكْبَتَيْنِ فَأمرنَا بِوَضْع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ رَوَاهُ بن خُزَيْمَة قلت قَالَ الْخطابِيّ حَدِيث وَائِل بن حجر اثْبتْ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة انْتهى وَإِذا اخْتلف الحديثان فَالْعَمَل على أقواهما أولى (فَخر)
قَوْله
[٨٨٥] إِذا سجد العَبْد الخ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم وان سجد على الْجَبْهَة وَحدهَا بِدُونِ الْأنف قَالَ قوم من أهل الْعلم يَكْفِي وَالْأَكْثَر على أَنه لَا يَكْفِي وَمذهب الْحَنَفِيَّة السَّجْدَة بالجبهة وَالْأنف هُوَ الْأَفْضَل والاقتصار على أَحدهمَا جَائِز أَيْضا فَإِن كَانَ بالجبهة وَحدهَا جَازَ عِنْد ابيحنيفة وصاحبيه جَمِيعًا فِي رِوَايَة بِلَا كَرَاهَة وَفِي رِوَايَة بِكَرَاهَة وان كَانَ بالأنف وَحده لم يخر عِنْد صَاحِبيهِ وَفِي رِوَايَة عِنْده أَيْضا وَفِي الْأُخْرَى عَنهُ جَائِز وَلَكِن مَعَ كَرَاهَة وَدَلِيله أَن السُّجُود عبارَة عَن وضع الْوَجْه وَهُوَ الْمَذْكُور فِي الْمَشْهُور وَلَا يُمكن وضع جَمِيع الْوَجْه لِأَن الْأنف والجبهة عظمان ناتيان يمنعان عَن وضع الْبَعْض وَإِذا تعذر وضع الْكل فالمأمور بِهِ وضع الْبَعْض وللوجه أَجزَاء مُتعَدِّدَة الْجَبْهَة والانف والخدان والذقن وَلم يجز وضع الْخَدين والذقن لتعيين الشَّارِع الْجَبْهَة والانف وَأَيْضًا فِي وضع الْخَدين لَا يحصل الا مَعَ انحراف عَن الْقبْلَة وَلَيْسَ فِي وضع الذقن فِي الْعرف تَعْظِيم فَتعين الْوَجْه والانف فَإِن كَانَ بهما كَانَ أفضل بِلَا شُبْهَة وان كَانَ بالجبهة جَازَ لذكرها فِي بعض الْأَحَادِيث اسْتِقْلَالا وان كَانَ بالأنف وَحده فَلهُ صُورَة جَوَاز لكَونه بعض الْوَجْه وَوَضعه يتَضَمَّن التَّعْظِيم وَجَوَاز السُّجُود بالجبهة وَحدهَا مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْجُمْهُور الا عِنْد مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأما وضع الْيَدَيْنِ والركبتين فَهُوَ سنة عِنْد الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيّ لتحَقّق السُّجُود بِدُونِهِ وَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَة بِلَفْظ أمرت ان اسجد الخ فَالْمُرَاد بِالْأَمر الْمَعْنى الشَّامِل للْوُجُوب وَالنَّدْب وَهُوَ طلب الْفِعْل وَالْمُخْتَار عِنْد الْفَقِيه أبي اللَّيْث أَنه إِذا لم يضع الْمُصَلِّي ركبته على الأَرْض لم يكف وَأما وضع الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ الْقَدُورِيّ فرض كَذَا فِي الْهِدَايَة لِأَن السُّجُود مَعَ رفع الْقَدَمَيْنِ أشبه بالتلاعب دون التَّعْظِيم وَيَكْفِي فِي الْجَوَاز وضع أصْبع وَاحِدَة وان رفع أحد قَدَمَيْهِ جَازَ مَعَ كَرَاهَة كَذَا فِي فتح الْقَدِير
قَوْله
[٨٨٦] كُنَّا لناوى الخ أَي نترحم عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحُصُول الْمَشَقَّة لَهُ فان السَّجْدَة بِهَذِهِ الْهَيْئَة اشق من السَّجْدَة كَهَيئَةِ النِّسَاء (إنْجَاح)
قَوْله