[٩٠٣] قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه إِشَارَة الى السَّلَام على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّد فَيكون قَوْله فَكيف الصَّلَاة المُرَاد بِهِ فِي التَّشَهُّد أَيْضا قَالَه السُّيُوطِيّ فِي الزجاجة قلت ان سلم ذَلِك فَالْمَعْنى انا أمرنَا بِالسَّلَامِ وَالصَّلَاة عَلَيْك فقد علمنَا ذَلِك من السَّلَام فِي التَّشَهُّد فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَلَو كَانَ أَمر الصَّلَاة لَكَانَ مُبينًا عِنْدهم مَعَ السَّلَام وَالله أعلم
قَوْله كَمَا صليت الخ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان ذكر الْحَلِيمِيّ فِي معنى هَذَا التَّشْبِيه ان الله تَعَالَى أخبر ان الْمَلَائِكَة قَالَت فِي بَيت إِبْرَاهِيم مُخَاطبَة لسارة رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد وَقد علمنَا ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل بَيت إِبْرَاهِيم فَكَذَلِك أَله كلهم فَمَعْنَى قَوْلنَا اللَّهُمَّ صل وَبَارك على مُحَمَّد الخ أَي اجب دُعَاء ملائكتك الَّذين دعوا لأهل بَيت إِبْرَاهِيم فَقَالُوا رحمت الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت فِي مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا أَجَبْته فِي الْمَوْجُودين كَانُوا يَوْمئِذٍ من أهل بَيت إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ واله من أهل بَيته أَيْضا وَلذَلِك ختم على هَذَا الدُّعَاء بِأَن يَقُول إِنَّك حميد مجيد فَإِن الْمَلَائِكَة ختم على هَذَا الدُّعَاء بِأَن يَقُول إِنَّك حميد مجيد انْتهى مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم ذكر فِي وَجه تَخْصِيصه من بَين الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وُجُوه أظهرها كَونه جد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد أَمر بمتابعته فِي الْأُصُول وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَهُوَ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق واولادهما وَفِي هَذَا التَّشْبِيه اشكال مَشْهُور وَهُوَ أَن الْمُقَرّر كَون الْمُشبه دون الْمُشبه بِهِ ولاواقع هَهُنَا عَكسه وَأجِيب بأجوبة مِنْهَا ان هَذَا قبل أَن يعلم أَنه أفضل وَمِنْهَا أَنه قَالَ تواضعا وَمِنْهَا ان التَّشْبِيه فِي الأَصْل لَا فِي الْقدر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى أحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك وَمِنْهَا ان الْكَاف للتَّعْلِيل وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه يتَعَلَّق بقوله وعَلى آل مُحَمَّد وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه إِنَّمَا هُوَ الْمَجْمُوع بالمجموع فَإِن الْأَنْبِيَاء من آل إِبْرَاهِيم كَثِيرَة وَهُوَ أَيْضا مِنْهُم وَمِنْهَا أَن التَّشْبِيه من بَاب الحاق بِمَا لم يشْتَهر بِمَا اشْتهر وَمِنْهَا ان الْمُقدمَة الْمَذْكُورَة مَرْفُوعَة بل قد يكون التَّشْبِيه بِالْمثلِ وَبِمَا دونه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى مثل نوره كمشكوة فِيهَا مِصْبَاح الْآيَة (مرقاة)
[٩٠٦] فَأحْسنُوا الصَّلَاة عَلَيْهِ واحسان الصَّلَاة اخْتِيَار افضلها وأكملها فِي الْمعَانِي وَاخْتلفُوا فِي أفضلهَا فَذهب أَكْثَرهم الى ان أفضلهَا مَا هِيَ مأثورة فِي الصَّلَاة اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت الخ وَقَول بن مَسْعُود يدل على أَفضَلِيَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الرِّوَايَة وَلَا شكّ ان هَذِه الصَّلَاة أفضلهَا فِي الْمعَانِي والمباني لِأَن فِي آخرهَا الصَّلَاة المأثورة فِي الصَّلَاة وَفِي أَولهَا مَا لَا يخفى من حسنها (إنْجَاح)
قَوْله لَا تَدْرُونَ الخ فِيهِ وَهُوَ ان الصَّلَاة معروضة عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ قد جَاءَ ان لله مَلَائِكَة سياحين يبلغون من أمتِي السَّلَام وَمَا من مُسلم صلى عَليّ الا رد الله عَليّ روحي الخ فَلم جَاءَ بن مَسْعُود بِكَلِمَة لَعَلَّ الدَّال على الرَّجَاء بِلَا يَقِين فَجَوَابه ان الترجي فِي قبولية الصَّلَاة فَإِن عرضه لَا يكون الا بِشَرْط الْقبُول لعدم اخْتِلَاطه بالرياء وَالْعجب فَإِن الْهَدِيَّة لَا تقبل عِنْد الْخِيَار الا مَا كَانَ مِنْهُ مُخْتَار والا ترد على صَاحبهَا (إنْجَاح)
قَوْله
[٩٠٨] من نسي الصَّلَاة عَليّ الخ لَعَلَّ المُرَاد بِالنِّسْيَانِ تَركهَا وَالنِّسْيَان يسْتَعْمل فِي التّرْك كثيرا كَمَا فِي قَوْله جلّ ذكره يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسيا منسيا أَي متروكة الذّكر بِحَيْثُ لَا يذكر فِي أحد وَأما نِسْيَان الْمَعْرُوف فَلَيْسَ فِي وسع الْإِنْسَان وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله تَعَالَى رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[٩٠٩] وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات قَالَ الشَّيْخ أوبو النجيب السهروردي قدس الله روحه يُرِيد بفتنة الْمحيا الِابْتِلَاء مَعَ زَوَال الصَّبْر والرضاء والوقوع فِي الافات والاصرار على الْفساد وَترك مُتَابعَة طَرِيق الْهدى وبفتنة الْمَمَات سوال مُنكر وَنَكِير مَعَ الْحيرَة وَالْخَوْف وَعَذَاب الْقَبْر وَمَا فِيهِ من الْأَهْوَال والشدائد طيبي
قَوْله الْمَسِيح الدَّجَّال قيل سمى الدَّجَّال مسيحا لِأَن أحد عَيْنَيْهِ ممسوحة فَيكون فعيلا بِمَعْنى مفعول أَو لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض أَي يقطعهَا فِي أَيَّام محدودة فَيكون بِمَعْنى فَاعل قَالَه الطَّيِّبِيّ وَأما الْمَسِيح الَّذِي هُوَ لقب عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فاصله المسيحا بالعبرانية وَهُوَ الْمُبَارك أَو لِأَنَّهُ يمسح ذَا آفَة فيبر أَمر
قَوْله مَا أحسن الخ الدندنة الصَّوْت الْخَفي كصوت الذُّبَاب والذنابير بِحَيْثُ يسمع صَوت وَلَا يفهم كَلِمَاته وَمَعْنَاهُ لَا أعرف دعاءك الْخَفي الَّذِي تَدْعُو بِهِ فِي الصَّلَاة وَلَا صَوت معَاذ وَكَانَ معَاذ أَمَام الْقَوْم فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حولهَا تدندن أَي حول الْجنَّة أَي نَحن أَيْضا نَدْعُو الله تَعَالَى بِدُخُول الْجنَّة ونعوذ بِهِ من النَّار (إنْجَاح)
قَوْله وَيُشِير بِأُصْبُعِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي يرفعها عِنْد قَوْله لَا إِلَه لمناسبة الرّفْع للنَّفْي ويضعها عِنْد الا الله لملايمة الْوَضع للاثبات ومطابقة بَين القَوْل وَالْفِعْل حَقِيقَة (مرقاة)
قَوْله وَحلق الْإِبْهَام قَالَ الطَّيِّبِيّ وللفقهاء فِي كَيْفيَّة عقدهَا وُجُوه أَحدهَا عقد ثَلَاثَة وَخمسين وَهُوَ أَن يعْقد الْخِنْصر والبنصر وَيُرْسل المسبحة وَيضم الْإِبْهَام الى أصل المسبحة كمارواه بن عمر وَالثَّانِي ان يضم الْإِبْهَام الى الْوُسْطَى المقبوضة كالقابض ثَلَاثًا وَعشْرين كَمَا رَوَاهُ بن الزبير وَالثَّالِث ان يقبض الْخِنْصر والبنصر وَيُرْسل المسبحة ويحلق الْوُسْطَى والإبهام كَمَا رَوَاهُ وَائِل بن حجر والاخير هُوَ الْمُخْتَار عندنَا قَالَ الرَّافِعِيّ الاخبار وَردت بهَا جَمِيعًا وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يضع مرّة هَكَذَا وَمرَّة هَكَذَا (مرقاة)
قَوْله
[٩١٣] وضع يَدَيْهِ الخ ظَاهره مُوَافق لما فِي الدّرّ المختاران الْمُفْتِي بِهِ عندنَا انه يُشِير باسطا أَصَابِعه كلهَا قَالَ بن الْهمام لَا شكّ ان وضع الْكَفّ مَعَ قبض الْأَصَابِع لَا يتَحَقَّق حَقِيقَة فَالْمُرَاد وَالله أعلم وضع الْكَفّ ثمَّ قبض الْأَصَابِع بعد ذَلِك عِنْد الْإِشَارَة وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن مُحَمَّد فِي كَيْفيَّة الْإِشَارَة قَالَ يقبض خِنْصره وَالَّتِي تَلِيهَا ويحلق الْوُسْطَى والابهام وَيضم المسبحة وَكَذَا عَن أبي يُوسُف فِي الامالي وَهَذَا فرع تَصْحِيح الْإِشَارَة وَعَن كثير من الْمَشَايِخ أَنه لَا يُشِير أصلا وَهُوَ خلاف الرِّوَايَة والدراية انْتهى وَفِي الْمُوَطَّأ لمُحَمد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وَوضع كَفه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى وَقبض أَصَابِعه كلهَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى قَالَ مُحَمَّد وبصنع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْخُذ وَهُوَ قو أبي حنيفَة قَالَ الْقَارِي وَكَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَلَا يعرف فِي المسئلة خلاف السّلف من الْعلمَاء وَإِنَّمَا خالفوا فِيهَا بعض الْخلف فِي مَذْهَبنَا من الْفُقَهَاء
قَوْله