للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٢٥٤] لَا تمنعوا قَالَ الْمظهر فِيهِ دَلِيل على أَن صَلَاة التَّطَوُّع فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة غير مَكْرُوهَة بِمَكَّة لشرفها لينال النَّاس فضيلتها فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَعند أبي حنيفَة قَوْله بن أبي امْرَأَة عبَادَة بن الصَّامِت هُوَ بن حرَام اسْمَع عبد الله بن عَمْرو صَحَابِيّ وَقَوله يَعْنِي أَي يروي حكمهَا حكم سَائِر الْبِلَاد فِي الْكَرَاهَة لعُمُوم النَّهْي وَقيل أَنه نَاسخ لما سواهُ وَلِأَن الْحرم رَاجِح قَالَ بن الْملك وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَة سَاعَة شَاءَ فِي الْأَوْقَات الْغَيْر مَكْرُوهَة تَوْفِيقًا بَين النُّصُوص انْتهى كَذَا فِي الْمرقاة

[١٢٥٨] يُصَلِّي الخ قَالَ بن الْهمام لَا يخفى ان هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يدل على بعض مَا ذهب اليه أَبُو حنيفَة وَهُوَ مَشى الطَّائِفَة الأولى وإتمام الطَّائِفَة الثَّانِيَة فِي مَكَانهَا خلف الامام وَقد روى تَمَامه مَوْقُوفا على بن عَبَّاس من رِوَايَة أبي حنيفَة ذكره مُحَمَّد فِي كتاب الْآثَار وسَاق إِسْنَاد الامام وَلَا يخفى ان ذَلِك مِمَّا لَا مجَال فِيهِ لِأَنَّهُ تغير بالمثاني فِي الصَّلَاة فَالْمَوْقُوفُ فِيهِ كالمرفوع انْتهى

قَوْله

[١٢٥٩] وَيسْجد الخ قَالَ الْقَارِي اجْمَعُوا على ان صَلَاة الْخَوْف ثَابِتَة الحكم بعد موت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحكى عَن الْمُزنِيّ أَنه قَالَ مَنْسُوخَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه مُخْتَصَّة برَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقَوْله تَعَالَى وَإِذا كنت فيهم وَأجِيب بِأَنَّهُ قيد واقعي نَحْو قَوْله تَعَالَى ان خِفْتُمْ فِي صَلَاة الْمُسَافِر ثمَّ اتَّفقُوا على ان جَمِيع الصِّفَات المروية عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْخَوْف مُعْتَد بهَا وَإِنَّمَا الْخلاف بَينهم فِي التَّرْجِيح قيل جَاءَت فِي الاخبار سِتَّة عشر نوعا وَقيل أقل وَقيل أَكثر وَقد اخذ بِكُل رِوَايَة جمع من الْعلمَاء وَمَا أحسن قَول أَحْمد وَلَا حرج على من صلى بِوَاحِدَة لما صَحَّ عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بن حجر وَالْجُمْهُور على أَن الْخَوْف لَا يُغير عدد الرَّكْعَات (مرقاة)

قَوْله لمَوْت احداي خير وَلَا لِحَيَاتِهِ أَي وَلَا لولادة شرير فِي شرح السّنة زعم أهل الْجَاهِلِيَّة ان كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر يُوجب حُدُوث تغير فِي الْعَالم من موت وولادة وضرر وقحط وَنَحْوهَا فَأعْلم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان كل ذَلِك بَاطِل ذكره الْعلي الْقَارِي وَقَالَ الْعَيْنِيّ فَإِن قلت الحَدِيث ورد فِي حق من زعم ان ذَلِك لمَوْت إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا فَائِدَة قَوْله

[١٢٦٢] وَلَا لِحَيَاتِهِ إِذْ لم يقل بِهِ أحد قلت فَائِدَته دفع توهم من يَقُول لَا يلْزم من نفى كَونه سَببا للفقدان ان لَا يكون سَببا للايجاد فَعم الشَّارِع النَّفْي عَيْني وكرماني

قَوْله فَإِذا تجلى الله الخ أَي تجلى بِالنورِ الَّذِي هُوَ نوره انطمس ضوء مَا كَانَ من خلقه بِسَبَب الْخُشُوع وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر لَا ينْحَصر بحيلولة الاجرام كَمَا زعمت الْحُكَمَاء وان كَانَ الْأَمر أَحْيَانًا بِحَسب قواعدهم (إنْجَاح)

قَوْله فَإذْ تجلى الله الخ قَالَ بن الْقيم فِي كِتَابه مِفْتَاح دَار السَّعَادَة قَالَ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ هَذِه الزِّيَادَة لم يَصح نقلهَا فَيجب تَكْذِيب ناقلها وَلَو صحت لَكَانَ تَأْوِيلهَا أَهْون من مُكَابَرَة أُمُور قَطْعِيَّة فكم ظواهر أولت بالأدلة الْعَقْلِيَّة الَّتِي لَا تَنْتَهِي فِي الوضوح الى هَذَا الْحَد قَالَ بن الْقيم وَإسْنَاد هَذِه الزِّيَادَة لَا مطْعن فِيهِ ورواتها كلهم ثِقَات حفاظ لَكِن لَعَلَّ هَذِه اللَّفْظَة مدرجة فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة وَلِهَذَا لَا تُوجد فِي سَائِر أَحَادِيث الْكُسُوف فقد رَوَاهَا عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضعَة عشر صحابيا فَلم يذكر أحد مِنْهُم فِي حَدِيثه هَذِه اللَّفْظَة فَمن هُنَا يخَاف ان تكون ادرجت فِي الحَدِيث ادراجا وَلَيْسَت من لفظ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَن هُنَا مسلكا بديع المأخذ يقبله الْعقل السَّلِيم وَهُوَ أَن كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر يُوجب لَهما من الْخُشُوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عَن هَذَا الْعَالم مَا لم يكن فِيهِ ذهَاب سلطانهما وبهائهما وَذَلِكَ مُوجب لَا محَالة لَهما من الْخُشُوع والخضوع لرب الْعَالمين وعظمته وجلاله مَا يكون سَببا لتجلى الرب تبَارك وَتَعَالَى لَهما وَلَا يستنكر أَن يكون تجلى الله سُبْحَانَهُ لَهما فِي وَقت معِين كَمَا يدنو من أهل الْموقف عَشِيَّة عَرَفَة فَيحدث لَهما ذَلِك التجلي خشوعا آخر لَيْسَ هُوَ الْكُسُوف وَلم يقل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الله إِذا تجلى لَهما انكسفا وَلَكِن اللَّفْظَة عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ ان الله إِذا بدا لشَيْء من خلقه خشع لَهُ ولظف بن ماجة فَإِذا تجلى الله الخ فههنا خشوعان خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوءهما فتجلى الله فيهمَا فَحدث لَهما عِنْد تجليه خشوع آخر بِسَبَب التجلي كَمَا حدث للجبل إِذْ تجلى الله تَعَالَى ان صَار دكا وساخ فِي الأَرْض وَهُوَ غَايَة الْخُشُوع لَكِن الرب تَعَالَى ابقاهما عناية بخلقة لانتظام مصالحهم بهما انْتهى وَقَالَ القَاضِي تَاج الدّين السُّبْكِيّ

انكاران الله إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خشع لَهُ لَيْسَ بجيد فَإِنَّهُ مَرْوِيّ فِي النَّسَائِيّ وَغَيره وَلَكِن تَأْوِيله ظَاهر فَأَي بعد فِي أَن الْعَالم بالجزئيات وَمِقْدَار الكائنات سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقدر فِي أزل الآزال خسوفهما بتوسط الأَرْض بَين الْقَمَر وَالشَّمْس وَفَوق جرم الْقَمَر بَين النَّاظر وَالشَّمْس وَيكون ذَلِك هُوَ وَقت تجليه سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمَا فالتجلي سَبَب لكسوفهما فقضاء الْعَادة بذلك يقارن توَسط الأَرْض وَفَوق جرم الْقَمَر وَلَا مَانع من ذَلِك انْتهى قلت وَهَذَا التَّأْوِيل أقرب الى لفظ الحَدِيث من تَأْوِيل بن الْقيم (زجاجة)

قَوْله

<<  <   >  >>