[١٣٥٥] إِذا تهجد من اللَّيْل فِي الْقَامُوس الهجود النّوم كالتهجد وهجدوته جد اسْتَيْقَظَ ضِدّه غلب فِي الصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَقيل التَّهَجُّد بِمَعْنى ترك الهجود والتجنب عَنهُ كالتاثم بِمَعْنى التجنب عَن الْإِثْم وَقَوله أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي منورهما يَعْنِي كل شَيْء استنار مِنْهَا واستضاء فبقدرتك ووجودك والاجرام النيرة بَدَائِع فطرتك والحواس وَالْعقل خلقك وعطيتك وَقَالَ الشَّيْخ أَي منورهما وهادي أهلهما وَقيل أَنْت المنزه عَن كل عيب يُقَال فلَان منور أَي مبرأ من كل عيب وَقيل هُوَ اسْم مدح يُقَال فلَان نور الْبَلَد أَي مزينه كَذَا فِي بعض الشُّرُوح وَعند أهل التَّحْقِيق هُوَ مَحْمُول على ظَاهره والنور عِنْدهم هُوَ الظَّاهِر بِنَفسِهِ والمظهر لغيره وَقَوله أَنْت قيام الخ الْقيام والقيم والقيوم بِمَعْنى الدَّائِم الْقَائِم بتدبير الْخلق الْمُعْطِي لَهُم مَا بِهِ قوامهم أَو الْقَائِم بِنَفسِهِ الْمُقِيم لغيره وروى بالألفاظ الثَّلَاثَة وَقَوله وَمن فِيهِنَّ التَّخْصِيص بالعقلاء لشرفهم وللاهتمام بِذكر قيوميته لَهُم لِأَن وجود الْعقل رُبمَا يُوهم بقيامهم بِأَنْفسِهِم وتدبيرهم لَهُم وَقَوله أَنْت الْحق أَي الْمُحَقق الْمَوْجُود الثَّابِت بِلَا توهم عدم وَقَوله وَوَعدك الْحق الْحصْر للْمُبَالَغَة وَهَذِه النُّكْتَة تجْرِي فِي قَوْله وقولك حق لَكِن وعده سُبْحَانَهُ لما تضمن أُمُور عَجِيبَة لَا تتناهى من نعيم الْجنَّة ورؤية وَجهه الْكَرِيم خص الْمُبَالغَة بِهِ وَقَوله ولقاؤك حق أَي المصيرة الى الْآخِرَة وَقيل رؤيتك وَقد يُرَاد بِهِ الْمَوْت لكَونه وَسِيلَة الى اللِّقَاء وَقَوله أسلمت أَي خضعت واستسلمت وَإِلَيْك انبت أَي رجعت فِي جَمِيع اموري فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَالتَّوْبَة والانابة كِلَاهُمَا بِمَعْنى الرُّجُوع ومقام الانابة أَعلَى وَأَرْفَع وَقَوله وَبِك خَاصَمت أَي بحجتك وقوتك ونصرتك خَاصَمت الْأَعْدَاء وَقَوله إِلَيْك حاكمت أَي رفعت أَمْرِي إِلَيْك فَلَا حكم الا لَك والمحاكمة رفع الْأَمر الى القَاضِي وَقَوله وَلَا إِلَه غَيْرك تَأْكِيد وتصريح بِنَفْي الوهية الْغَيْر بَعْدَمَا علم من حصر الالوهية فِيهِ سُبْحَانَهُ لمعات
[١٣٥٩] ثَلَاث عشرَة رَكْعَة ورد فِي هَذَا الْبَاب رِوَايَات مُخْتَلفَة قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ أَي تَارَة سبع رَكْعَات وَتارَة تسع رَكْعَات وَتارَة إِحْدَى عشرَة رَكْعَة بِحَسب اتساع الْوَقْت وتضييقة أَو عذر من مرض وَغَيره أَو كبر سنّ
قَوْله
[١٣٦١] مِنْهَا ثَمَان الخ أَي للتهجد سور الْوتر ويوتر بِثَلَاث وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْفجْر هما سنة الْفجْر (إنْجَاح)
قَوْله
[١٣٦٢] عتبته الخ العتبة محركة اسكفة الْبَاب والعليا مِنْهَا والفسطاط الخباء وَنَحْوهَا كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)
قَوْله خفيفتين لعلهما رَكعَتَا الْوضُوء وَيسْتَحب فِيهَا التَّخْفِيف لوُرُود الاخبار بِهِ فعلا وقولا لمعات
قَوْله
[١٣٦٣] فَوضع الخ قَالَ فِي شرح السّنة فِي الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة نَافِلَة بِالْجَمَاعَة وَمِنْهَا جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة وَفِي الْهِدَايَة وان صلى خَلفه أَو يسَاره جَازَ وَهُوَ مسيئ وَأورد عَلَيْهِ كَيفَ النَّفْل بِجَمَاعَة وَهُوَ بِدعَة أُجِيب بِأَنَّهُ إِذا كَانَ بِلَا اذان وَإِقَامَة بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ يجوز على انا نقُول كَانَ التَّهَجُّد عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضا فَهُوَ اقْتِدَاء المتنفل بالمفترض (مرقاة)
قَوْله
[١٣٦٤] اللَّيْل الْأَوْسَط بَيَان للجوف وَهُوَ بِعَيْنِه جَوف اللَّيْل وَهَذَا لَا يُنَافِي الحَدِيث الَّاتِي بنزول الرب تبَارك وَتَعَالَى حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الاخر لَان الْجوف يُطلق على مَا بَين المبتداء والمنتهى فوسط اللَّيْل النّصْف الْأَوْسَط مثلا وَالثلث الاخر أفضل سَاعَات تِلْكَ الْجوف فَإِن بعض سَاعَة أفضل من بعض وَذَلِكَ حِين النُّزُول (إنْجَاح)
قَوْله
[١٣٦٦] ينزل رَبنَا النُّزُول والصعود والحركات من صِفَات الْأَجْسَام وَالله تَعَالَى متعال عَنهُ وَالْمرَاد نزُول الرَّحْمَة وقربه تَعَالَى من الْعباد بانزال الرَّحْمَة وافاضة الْأَنْوَار وَإجَابَة الدَّعْوَات واعطاء الْمسَائِل ومغفرة الذُّنُوب وَعند أهل التَّحْقِيق النُّزُول صفة الرب تَعَالَى وتقدس يتجلى بهَا فِي هَذَا الْوَقْت يُؤمن بهَا ويكف عَن التَّكَلُّم بكيفيتها كَمَا هُوَ حكم سَائِر الصِّفَات المتشابهات مِمَّا ورد فِي الشَّرْع كالسمع وَالْبَصَر وَالْيَد والاستواء وَنَحْوهَا وَهَذَا هُوَ مَذْهَب السّلف وَهُوَ أسلم والتأويل طَريقَة الْمُتَأَخِّرين وَهُوَ أحكم وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ وَقت جعله الله تَعَالَى مَحل ظُهُور الاسرار وهبوط الْأَنْوَار كَمَا يجده أهل الذَّوْق والعرفان لمعات
قَوْله ينزل رَبنَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ مذهبان مشهوران للْعُلَمَاء ومختصرهما ان أَحدهمَا وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور السّلف وَبَعض الْمُتَكَلِّمين انه يُؤمن بِأَنَّهَا حق على مَا يَلِيق بِاللَّه تَعَالَى وان ظَاهرهَا الْمُتَعَارف فِي حَقنا غير مُرَاد وَلَا يتَكَلَّم فِي تَأْوِيلهَا مَعَ اعْتِقَاد تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن صِفَات الْمَخْلُوق وَعَن الِانْتِقَال والحركات وَسَائِر سمات الْخلق وَالثَّانِي مَذْهَب أَكثر الْمُتَكَلِّمين وجماعات من السّلف وَهُوَ محكي هُنَا عَن مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ انها تتَنَاوَل على مَا يَلِيق بهَا بِحَسب مواطنها فعلى هَذَا تأولوا هَذَا الحَدِيث تأويلين أَحدهمَا تَأْوِيل مَالك بن أنس وَغَيره مَعْنَاهُ تنزل رَحمته وَأمره أَو مَلَائكَته كَمَا يُقَال فعل السُّلْطَان كَذَا إِذا فعله اتِّبَاعه بأَمْره وَالثَّانِي أَنه على الِاسْتِعَارَة وَمَعْنَاهُ الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف وَالله أعلم
قَوْله حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الاخر وَفِي رِوَايَة لمُسلم حِين يمْضِي ثلث اللَّيْل الأول وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة فِي بن ماجة إِذا ذهب من اللَّيْل نصفه أَو ثُلُثَاهُ قَالَ القَاضِي عِيَاض الصَّحِيح رِوَايَة حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الْآخِرَة كَذَا قَالَه شُيُوخ الحَدِيث وَهُوَ الَّذِي تظاهرت عَلَيْهِ الاخبار بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ وَيحْتَمل ان يكون النُّزُول بِالْمَعْنَى المُرَاد بعد الثُّلُث الأول وَقَول من يسألني بعد الثُّلُث الْأَخير هَذَا كَلَام القَاضِي قلت وَيحْتَمل ان يكون النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلم بِأحد الْأَمريْنِ فِي وَقت فَأخْبر بِهِ ثمَّ أعلم بالاخر فِي وَقت اخر فَاعْلَم وَسمع أَبُو هُرَيْرَة الْخَبَرَيْنِ فنقلهما جَمِيعًا وَسمع أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ خبر الثُّلُث الأول فَقَط فَأخْبر بِهِ مَعَ أبي هُرَيْرَة كَمَا ذكره مُسلم فِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة وَهَذَا ظَاهر وَفِيه
رد لما أَشَارَ اليه القَاضِي من تَضْعِيف رِوَايَة الثُّلُث الأول وَكَيف يضعفها وَقد رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِإِسْنَاد وَلَا مطْعن فِيهِ عَن صحابيين أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة (نووي)
قَوْله
[١٣٦٧] ان الله يُمْهل أَي يُمْهل النائمين والشاغلين لكَي يستريحوا من تَعب النَّهَار كَأَنَّهُ أَشَارَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى أَن أول اللَّيْل صَالح للتجلي وَالنُّزُول وَلكنه تَعَالَى يمهلهم فِي ذَلِك الْوَقْت لهَذَا الْمَعْنى (إنْجَاح)
قَوْله