للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كنت اخي مع الله فسترفع راسك دون كبر, ودون استطالة على احد, ودون عدوان, لأنك تشعر ان الله معك وان الله القوي لن يتركك ولن يسلمك الى خصومك, فالله عز وجل قادر على ان يعطي وقادر على ان ياخذ, وقد وعد المنحرف والمعرض بمعيشة ضنك, ووعد المستقيم بحياة طيبة والله القوي العزيز قادر على ان يحقق وعده ووعيده, فافعال الله كلها تطابق اقواله في كتابه, ومطابقة افعاله لأقواله شهادة منه بانه القوي العزيز القادر المقتدر وان القرآن الكريم كلامه قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} (١) فاياك والشك في قوة الله وعزته وقدرته فان ذلك راس البلاء فاعتقد جازما ان الله على كل شيء قدير, يعطيك, ويغنيك, ويقويك, ويحفظك, ويؤيدك, ويحميك, ويشفيك, ويعافيك, فاياك والشك فانه راس الشر, فقو اعتقادك في الله, فانه اذا لم يساورك شك بان الله على كل شيء قدير فانت في كنف الله وفي رحمته ورعايته, فتوجه اليه, واجعل عملك كله في الله, واقطع الامال بسواه, فهذا هو الدين وهذا هو التوحيد الخالص, فتطلع الى رب المخلوقين والى من بيده القدرة والقوة والعزة, وهذا لايعني ان تترك الاسباب ولكن اتجه الى الله خالق الاسباب ومهيئها ومقدر الامور ومدبرها, فالانسان وان كانت له قدرة فانها ناقصة, فاذا اعتمد على قوة الله وقدرته شعر بالقوة, فمن آمن بقوة الله شعر بالضعف, فالانسان ضعيف, ولهذا فان المؤمن لايفتأ يقول: انشاء الله في كل احواله, فان جاءه


(١) - سورة المعارج الاية (٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>