المجتمع الزكي يقوم على رجال يعرفون حق الله وحق الجماعة عليهم, وينشغل هذا وذاك باداء ماعليه من واجب, فان الثمرة الدانية في هذا المجتمع ان يصل كل امرئ الى حقه الطبيعي دون ضجر او جدال, وعند ذلك سنجد من يقوم ببناء المستشفيات والملاجئ ومعاهد العلم لتعليم ابناء الأمة الفقراء وايواء العجزة الضعفاء ومعالجة المرضى حتى لاتضطرهم الحاجة الى السرقة, او المؤامرة على قتل الاغنياء, او الاقدام على ارتكاب الجرائم لدفع عيلة الفقر المدقع, وحينئذ يعيش المجتمع كله في سلام وامن, ويتجه الجميع الى عبادة ربهم وبناء اوطانهم, وستكون طاقة الفقير وجلده أداة تزيد في انتاج الأمة, وتسهم في نهضتها العامة, فيصل نشاطه حينئذ بنشاط انداده من الاغنياء فيعاونون جميعا على البر والتقوى لاعلى الاثم والعدوان, وستسد الزكاة عوز المحتاجين وتعين الفقراء والمساكين, وتعوض المضرورين والغارمين, وفي الذكر الحكيم:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(١)
والمراد هنا في الآية: الصدقات الواجبة التي صرحت الآية بوجوب قصرها على من ذكرهم الله في الآية، والصدقات الواجبة هي زكاة النقود عيناً أو تجارة والأنعام والزرع والركاز والمعدن، فيجب صرف ذلك على الأصناف المنصوص عليها في الآية بـ (إنما) فهي من صيغ القصر، وتعريف الصدقات للجنس أي جنس هذه الصدقات مقصور على هذه