والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف، كما حكاه الكسائي، وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري، فينبغي أن يتوقف فيه؛ إذ ليس في كلامه تصريح بنقله، نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي، ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله، ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي، وكل منهم إمام، وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا، وأنت تريد الأيام والليالي جميعا، كما سبق من كلام سيبويه، وكما دلت عليه الآية الكريمة، وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام، وجعل الأيام تابعة لليالي، أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها، كقولك: سرت خمسا، وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا؛ إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم، وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها، سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها، أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة، وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري؛ لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا، ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير، وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل، والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي، فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول؛ فإن الحذف فيه أفصح، هذا إن ثبت: صمنا خمسة، كما ادعاه أبو حيان، ولعله أخذه من ابن عصفور، فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا ابو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود، أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ