قوله:(رفع القلم) ، هل هو حقيقة أو مجاز؟ وفيه احتمالات:
أحدهما: - وهو المنقول المشهور - أنه مجاز، لم يرد فيه حقيقة القلم ولا الرفع، وإنما هو كناية عن عدم التكليف، ووجه الكناية فيه: أن التكليف يلزم منه الكتابة؛ ولهذا يعبر بالكتابة عنه كقوله تعالى:(كُتِبِ عَلَيكُمُ الصِيامُ) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم:(خمس صلوات في اليوم والليلة كتبهن الله على عباده) ، ويلزم من الكتابة القلم لأنه آلة لها، فالقلم لازم لازم التكليف، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء ملزومه وملزوم ملزومه؛ فكذلك كنّى بنفي القلم عن نفي الكتابة، وهي من أحسن الكنايات، وأتى بلفظ الرفع إشعارا بأن التكليف لازم لبني آدم إلا هؤلاء الثلاثة، وأن صفة الوضع أمر ثابت للقلم لا ينفك عن غير الثلاثة موضوعا عليه حتى يرفع، ولو قال: لم يوضع. أو: لم يكتب على ثلاثة. لم يكن فيه إشعار بذلك، وأنه في أصله متصف بالوضع والجريان على مخلوق من العالمين.