قول أبي داود: رواه ابن جريج، عن القاسم بن يزيد، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم زاد فيه:(الخرف) - يقتضي أنه زائد على الثلاثة، وهذا صحيح، والمراد به: الشيخ الكبير الذي زال عقله من الكبر، فإن الشيخ الكبير قد يعرض له اختلاط عقل يمنعه من التمييز ويخرجه عن أهلية التكليف، ولا يسمى جنونا، فإن الجنون يعرض من أمراض سوداوية ويقبل العلاج، والخرف بخلاف ذلك، ولهذا لم يقل في الحديث: حتى يعقل؛ لأن الغالب أنه لا يبرأ منه إلى الموت، ولو برأ في بعض الأوقات برجوع عقله تعلق به التكليف، فسكوته عن الغاية فيه لا يضر، كما سكت عنها في بعض الروايات في المجنون.
وكنا قد قدمنا أن الحديث في سقوط التكليف عن الشيخ الكبير: موضوع ومرادنا به إذا كان عقله ثابتا، ووضع الحديث في نفسه، وأما سقوط التكليف عن الخرف الذي زال عقله،، فلا شك فيه، وإن كان الحديث الوارد فيه منقطعا؛ لأن القاسم لم يدرك عليا، لكنه في معنى المجنون، كما أن المغمى عليه في معنى النائم.
ولا يفوت الحصر بذلك إذا نظرنا إلى المعنى، فهم في الصورة خمسة؛ الصبي، والنائم، والمغمى عليه، والمجنون، والخرف. وفي المعنى ثلاثة.
ولما لم يكن النائم في معنى المجنون؛ لأن الجنون يفسد العقل