اختلف العلماء في البلوغ بالسن؛ فعن مالك إنكاره مطلقا، وأن البلوغ إنما هو بالاحتلام، وعن أبي حنيفة: أن بلوغ الغلام بثمان عشرة سنة، وفي الجارية روايتان عنه: إحداهما كذلك، والثانية بسبع عشرة سنة، وقال الشافعي: إن البلوغ فيهما بخمس عشرة سنة، واختلف أصحابه في ضبطها؛ فالمذهب المشهور أن المعتبر تمام السنة الخامسة عشر، وفي وجه مشهور في طريق المراوزة زمانه بالطعن فيها، وفي وجه غريب: أنه بمضي ستة أشهر منها، ولا دلالة للحديث الذي نحن فيه على شيء من ذلك، ولكن استندوا فيه إلى حديثين: أحدهما: عن ابن عمر قال عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. متفق عليه.
قال نافع: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز في خلافته فقال: إن هذا لحد بين الصغير والكبير. وقيل: إن عمر بن عبد العزيز أمر بذلك بعد، وكان يجعل من دون خمس عشرة في الذرية، وكتب إلى عماله: أن افرضوا لابن خمس عشرة، وما كان سوى ذلك فألحقوه بالعيال.