للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الوجه التاسع]

تكلم النحاة والأصوليون والفقهاء في أن انتهاء الغاية هل يدخل أو لا يدخل؟ ولا بد أن يستثنى من هذا الإطلاق شيئان: أحدهما: ما تقدم، وهي الغاية التي لو سكت عنها لم يدل اللفظ عليها، كالغايات المذكورة في الحديث، وكطلوع الفجر في قوله: (سَلامٌ هِىَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ) ، وكقوله: (فاعتَزِلوا النِّساءَ في المَحيضِ وَلا تَقرَبُوهُنَّ حَتّى يَطهُرنَ) ؛ فإن حالة الطهر لا يشملها اسم الحيض.

الثاني: ما يكون اللفظ الأول شاملا لها، مثل قولنا: قطعت أصابعه كلها من الخنصر إلى الإبهام، فإنه لو اقتصر على قوله: قطعت أصابعه كلها، لافاد الاستغراق فكان قوله: من الخنصر إلى الإبهام تأكيدا، وكذلك: قرأت القرآن من فاتحته إلى خاتمته، وهو في الحقيقة راجع إلى الأول؛ لأن المقصود فيهما تحقيق العموم واستغراقه لا تخصيصه، وإن افترقا في أن الذي جعل غاية في الثاني ظرف المغيا، وفي الأول ما بعده، ففي هذين الموضعين الغاية لا خلاف فيها؛ بل هي في الأول خارجة قطعا، وفي الثاني داخلة قطعا. وكذا: بعتك هذه الأشجار من هذه إلى هذه، فالغاية داخلة قطعا، وإنما الخلاف إذا قال: بعتك من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة، هل يدخل الابتداء والانتهاء أو أحدهما أولا؟ ومحل القطع بدخول الغاية في قولنا: قطعت أصابعه كلها من الخنصر إلى الإبهام، فإن اللفظ الأول صريح في الدخول، فلو كان ظاهرا غير صريح كقولنا: ضربت القوم حتى زيدا، فالحكم

<<  <   >  >>