قوله:(وعن المجنون حتى يفيق) كذا في رواية يوسف بن موسى في حديث علي، وفي رواية عثمان بن أبي شيبة فيه:(عن المجنون حتى يبرأ) ، وفي رواية ابن السرح فيه:(عن المجنون والمغلوب على عقله) ولم يذكر غاية، وهي مستغنى عنها كما قدمناه، وفي رواية أبي ظبيان عن علي وهي منقطعة:(عن المعتوه حتى يبرأ) وفي رواية أبي الضحى عن علي: (عن المجنون حتى يعقل) ، وفي رواية ابن ماجه:(حتى يعقل أو يفيق) .
وهذه الألفاظ كلها متقاربة أو متوافقة، والمجنون والمعتوه واحد هنا، وإن كان اللغويون أطلقوا أن المعتوه: الناقص العقل، والمراد بنقص العقل: نقصانه عن أهلية الخطاب، وذلك هو الجنون، ولا يراد بذلك ما قد يطلقه بعض أهل العرف من نقصان العقل على من لم يكن كامل العقل وافره، فإن ذلك نقصان كمال.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها:(وعن المبتلى حتى يبرأ) ، والمبتلى وإن كان من حيث الوضع أعم من المجنون، فإن المراد به هنا المجنون؛ لدلالة بقية الروايات عليه، وللإجماع على أن المبتلى بغير ذلك لا يرتفع عنه القلم، وإطلاق المبتلى على المجنون إطلاق ممكن، فإنه لا بلوى أعظم من ذهاب العقل إلا ذهاب الدين، وسائر الأمراض البدنية غير الجنون لا يخرج صاحبها عن خاصة النوع الإنساني، والجنون يكاد يخرجه فإن الذي يتميز به الإنسان عن البهيمة هو العقل.