إذا ثبت أن النائم رفع عنه القلم لعدم شعوره، فالمغمى عليه بطريق الأولى، لأن النوم أسرع زوالا من الإغماء. وقيل: إن النوم يستر العقل، والإغماء يغمره، والجنون يزيله. ولعل النبي صلى الله عليه وسلم نص على الطرف الأعلى مما يطرأ على العقل وهو الجنون، وعلى الطرف الأدنى وهو النوم، ويعلم بذلك ما بينهما فيلحق بها.
وأما السكر وإن كان بينهما في إزالة الشعور، ولكن سببه معصية، فلذلك اختلفت العلماء في تكليف السكران، والذي نقله أبو حامد عن مذهب الشافعي: أنه مكلف، وإن كان كلام النووي يقتضي أنه غير مكلف، وكأن النووي أخذه من الأصوليين، فإنهم يطلقون: أن النائم والناسي والسكران غير مكلفين، وطوائف من الفقهاء يطلقون التكليف حتى في النائم والناسي، ونحن لا نوافقهم في النائم والناسي إلا بمعنى الثبوت في الذمة كما سبق، والظاهر أنه مرادهم، وأما السكران فمرادهم المؤاخذة لمعصيته، وتحقق ذلك مذكور في الفقه والأصول.