وعن أبي سعيد الخدري: أن سعدا حكم في بني قريظة أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(حكمت بحكم الله) . متفق عليه.
وعن عطية قال: كنت ممن حكم عليه سعد، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت ترك، فكنت ممن لم ينبت فتركت.
وهذه الاحاديث حجة قوية في الحكم بالبلوغ لذلك، وغاية ما فيه تخصيص قوله:(رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم) إذا فرض الإنبات قبل الاحتلام، على أن القول بالتخصيص إنما يلزم من يقول: إنه بلوغ حقيقة، أما من يقوله أمارة على البلوغ فمعناه إنما نستدل به على أنه بلغ بالاحتلام أو بالسن فلا يلزم التخصيص، وسياق هذا يقتضي أن الشخص لو عرف من نفسه أنه لم يحتلم ولم يكمل خمس عشرة وقد أنبت أنه لا يحكم ببلوغ نفسه، وأن يستديم حكم الصبا، وإن كنا نحن نحكم ببلوغه، وهذا يقتضي القول بأنه أمارة، سواء قلنا به في حق الكفار أم في حقهم وحق المسلمين، وقد رأيت للشافعي رضي الله عنه ما يدل على ذلك، فإن ابن الحداد نقل في كتاب (الجزية) له: أنا لو تحققنا أن عمره دون خمس عشرة فلا أثر للإنبات، وعلى ذلك نص الشافعي؛ إذ قال: فإن قال: أنبت من أني تعالجت بشيء تعجل إنبات الشعر، لم يقبل ذلك منه إلا أن يقوم شاهدان مسلمان على ميلاده فيكون لم يستكمل خمس عشرة فندعه. انتهى. وهذا مقتضى جعله دليلا لا بلوغا، ومراد الشافعي: أنه لا يقبل في رفع الجزية عنه، أما إذا كان