للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حرف في سورة مريم]

قالوا في قول الله تعالى: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: ٢٨]، ولم يكن لها أخ يقال له: هارون، ونحن نقول: أنه لم يرد بها أخوة النسب؛ وإنما أراد: يا شبه هارون، يا مثل هارون في الصلاح، وكان في بني إسرائيل رجل صالح يسمى: هارون، وقد يقول الرجل للرجل: يا أخي. لا يريد به أخوة النسب؛ وإنما يريد أخوة الصداقة أو أخوة الدين، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وقد آخى رسول الله بين أصحابه، وقد يقول الرجل هذا الشيء؛ أخو هذا، إذا كان له مشاكلًا وشبيهًا، قال الله تعالى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: ٤٨]، يريد من الآية الأولى للتي تشبهها.

[حرف في الصافات]

قالوا في قول الله تعالى، وذكر يونس: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: ١٤٥]، وفي قوله في موضع آخر: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ} [القلم: ٤٩]، وهذا خلاف الأول؛ لأنه ذكر في الكلام الأول: أنه نُبِذَ بالعراء وهو سقيم، وقال في الكلام الثاني: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ}، وهذا يدل على أنه لم يُنْبَذ بالعراء، وليس الأمر كما توهموا، ولا بين الكلامين اختلاف كما ذكروا؛ لأنه أراد لولا أن تبنا عليه ورحمناه، حين نبذناه بالعراء مذمومًا، أي: على حاله الأولى، ثم تِيْبَ عليه. ويدلك على ذلك قوله بعد: {مَذْمُومٌ}، {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القلم: ٥٠]، أي: تاب عليه.

<<  <   >  >>