للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قالوا فإنه؛ قد قال: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: ٣٠]، والذين كفروا لم يروا ذلك ولم يعلموه؛ قلنا في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، يريد أهل الكتاب: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}، أي: لم يعلموا ذلك مما أنزلناه عليهم في الكتب التي هي في أيديهم، ويعلم غيرهم بخبرهم عنه، والعلم يكون بالخبر كما يكون بالعيان.

فإن قالوا: فإن الله دفع عن البيت ومنع منه؛ قلت: فمن الداعي إلى حجه وزيارته، وقضاء مناسكه، وتعظيم شعائره، مع إلهام كل الأمم من أقاصي الأرض حتى جاؤوا إليه مسرعين، كما قال: «شعثًا غبرًا».

وكل آية في الحرم بيّنة؛ كالوحش التي تأمن فيه حتى تخرج مع السباع والكلاب، وتذعر منها إذا خرجت منه، وكالطير التي تسقط على سطوح المسجد وزمزم والسقاية، ولا تعرف سطح البيت، وكمقام إبراهيم - عليه السلام - في الحجر، فهو عَلَم له ولآبائه؛ إذ كانوا هم المؤسسين لذلك، وبه عمّت الحكمة وبلغت الدعوة.

[أعلامه بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -]

ومن أعلامه الظاهرة بعد وفاته؛ استسقاء عمر بالعباس عمه، فسُقوا حتى قلصوا المآزر، واعتلقوا الحذاء، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه، ويقولون: «هنيئًا لك ساقي الحرمين»، وهذا مشهور مذكور في الشعر، وبنو العباس يفخرون به، فيبدؤون فيه ويعيدون، ولا يجوز على مثله الكذب.

<<  <   >  >>