للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القضاء لا يستطاع دفعهُ بحيلة ولا تأويل؛ لأن وعد الله إياهم إحدى الطائفتين لا يكون إلا قبل اللقاء، ولا يجوز أن يعدهم شيئًا قد وقع.

[خبر آخر من الكتاب]

ومن ذلك قول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: ١٦].

وقد اختلف الناس في القوم أولي البأس الشديد، فقال قوم: هم بنو حنيفة، والداعي إلى قتالهم أبو بكر - رضي الله عنه -، وقال آخرون: هم أهل فارس، والداعي إلى قتالهم عمر - رضي الله عنه -، وهذه الآية تدل على خلافة الداعي لهم وعلى إمامته، إذ وعد المطيع له بالثواب، وأوعد العاصي بالعقاب، فإن قالوا فلعل الداعي إلى ذلك النبي، قلنا: قد بيَّن الله لنا في الكتاب أن الداعي غيره، لأنه قال: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح: ١٥].

<<  <   >  >>