والروم والهند والحبشة، قلنا له لم نُرِد بقوله:«وسيبلغ ملك أمتي» كل المشارق وكل المغارب، وإنما أراد أن الله زوى له، أي: جمع له من المشارق والمغارب ما يبلغه ملك أمته، ومن الكلام عام يراد به خاص، كقولهم: طفت البلاد؛ وإنما طاف بعضها، وملكت العباد؛ وإنما ملك بعضهم، وشربت ماء البحر؛ وإنما شرب جرعة منه، وأتاني الناس؛ وإنما جاءته جماعة منهم. ويدلك أنه لم يرد الجميع، قوله:«وسيبلغ ملك أمتي ما زُوي لي منها»، أي: سيبلغ ملكها المزوي لي من الأرض دون غيره.
[خبر آخر]
ومن ذلك قوله لعدي بن حاتم:«كَيف بك إذا خَرجتْ الظَّعِينَةُ من أقصى قصور اليمن، إلى قصور الحِيرَةِ لا تخاف إلا الله»، قال عدي: قلت: يا رسول الله، كيف بِطَيِّئٍ ومَقَانِبِهَا؟ قال:«يكفيها الله طَيِّئًا وما سواها».
وقد وجدنا ذلك كما ذكر، بعد أن كان لا يستطيع أن يمر بالناحية أحد؛ لقلة الماء وطلب الأعراب، وقد تقدمت كتب الله تعالى بمثل قوله.