للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل هذا قوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} [الأنعام: ٢٥]، والأكنة: الأغطية، وهذا شيء مثّلته لك؛ لأعرفك من الوجوه التي تقع بهذا الغلط، فأما الأشياء التي طُعِن بها على القرآن، فسأذكر منها عشرة أحرف، أبيّن مجازها لتعرفها، وتقضي على ما تركت بمثل الذي أوجدتك فيما ذكرت، وأسأل الله إرشادنا وإياك.

[حرف في سورة الحجر وأشباه له في القرآن]

قالوا في قول الله تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٨٩ - ٩١]، ما معنى (كما) هاهنا، وكما تأتي لتشبيه شيء بشيء، ولم يتعلق في أول الكلام ما تشبه به ما تأخر منه، قالوا: وكذلك قوله في سورة الأنفال، وذكر المؤمنين: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} [الأنفال: ٤، ٥]، وما الذي يشبه الكلام الأول؛ من إخراج الله إياه.

قالوا: وكذلك قوله في سورة البقرة: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} [البقرة: ١٥٠، ١٥١].

الجواب: أما قوله تعالى: {إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} [الحجر: ٨٩، ٩٠]، فإن فيه محذوفًا؛ يدل ظاهر الكلام عليه، كأنه قال: أنا النذير المبين، عقوبة أو عذابًا، مثل ما أنزلنا على المقتسمين فحَذَفَ العقوبة أو العذاب؛ إذ كان الإنذار يدل عليه، كما قال في موضع آخر: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣]،

<<  <   >  >>