للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القوام الذي يقوم على شأن غيره، ويصلحه, واسندت هذه الآية القوامة إلى الرجال، وأفادت أن من أسباب ذلك تفضيل الله تعالى الأزواج على زوجاتهم، ومما يظهر فيه ذلك جعل الطلاق بيد الزوج دون الزوجة، فليس لها ذلك إلا بواسطة القاضي، أو عن طريق الخلع، وكمراجعة الزوج لزوجته في العدة.

يضاف لما ذكر تفوق الرجال على النساء عمومًا في قيامهم ببعض الأعمال الصعبة مثل الجهاد، وتوليهم بعض الولايات المختلف في إسنادها إلى المرأة، وتفضيلهم في العدالة، وولاية النكاح، وفي الإرث١.

ونصت الآية بعد ذكرها التفصيل على أن من أسباب قوامة الرجال انفاقهم على الأسرة لتكوينها، ولاستمرارها سكنًا، واطعامًا، وعلاجًا، وتعليمًا، وما يتبع ذلك.

وفهم العلماء من قوله تعالى: {وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أنه متى عجز الزوج عن الإنفاق على الزوجة لم يكن قوّامًا عليها، وإذا لم يكن قوّامًا عليها فسخ العقد لزوال المقصود الذي شرع لأجله الزواج.

وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة، وهو مذهب مالك، والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يفسخ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ٢ ٣.

والقوامة لا تعني استعلاء الزوج على الزوجة، واستبداده بالرأي، فأمر الأسرة شورى بين الزوجين في كل ما يحقق مصالحهما.

قال ابن عاشور -في بيان منزلة المرأة -: ودين الإسلام حري بإصلاح شأن المرأة، وكيف لا، وهي نصف النوع الإنساني، والمربية.


١ انظر ابن عاشور، التحرير والتنوير ٢: ٤٠٢.
٢ البقرة: ٢٨٠.
٣ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن ٥: ١٦٩.

<<  <   >  >>