للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما سئلت عائشة عن خلقه صلى الله عليه وسلم قالت: "كان خلقه القرآن"١.

وهي كلمة جامعة يؤول معناها إلى أنك إذا عرضت آية من آي القرآن الواردة في خلق حسن، وعمل صالح، وتأملت من سيرة رسول الله في الناحية الوارد فيها القرآن وجدت سيرة رسول الله مطابقة لما تضمنه القرآن.

فالقرآن إذن هو جامع مكارم الأخلاق، فالرسول هو مظهر تلك المكارم، والقرآن ورد آمراً الأمة تفصيلًا أن تعمل به، وآمرًا لها إجمالًا أن تقتدي برسولها، إذ قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ٢ ٣.

- دوافعها:

كل عمل يقوم به أي إنسان يدفعه إليه دافع، وله منه غاية، والدافع في الإسلام يسمى النية، وهي ركن في العبادات لا تصح بدونها، وعليها يتوقف المقصد من العمل، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... " ٤. وعلى حسب النية تكون الغاية، فمن عمل عملًا صالحًا يقصد به وجه الله كان له ذلك، ومن عمل عملًا يقصد به الرياء أو غيره كان له ما نوى، والنية مرتبطة بمصدر الأخلاق، فطالما أن مصدرها في الإسلام الكتاب والسنة فكل أقوال المسلم وأعماله تكون في طاعة الله تعالى إن نوى ذلك، والتزم بشروط العمل المتقرب به إلى الله تعالى.


١ هذا جزء من حديث طويل سأل فيه سعد بن هشام بن عامر أم المؤمنين عائشة "يا أم المؤمنين انبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت بلى. قالت: فإن خلق النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن".
صحيح مسلم ٦، صلاة المسافرين ١٧، باب جامع صلاة الليل، حديث ١٣٩ج ٢: ١٦٩.
٢ الأحزاب: ٢١.
٣ ابن عاشور، أصول النظام الاجتماعي: ١٢٧.
٤ صحيح البخاري ١، بدء الوحي ١ كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ج١: ٥.

<<  <   >  >>