للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ١.

وجاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي ت ٣٦هـ، وصهيب الرومي ت ٣٨هـ، وبلال الحبشي ت ٢٠هـ، رضي الله عنهم، فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما بال هذا؟ يعني سلمان وصهيب وبلالا، فقام إليه معاذ بن جبل ت ١٨هـ، رضي الله عنه، فأخذ تلبيبه أي: قبض على ثيابه من جهة نحره ثم أتى به النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بمقالته، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يجر رداءه حتى أتى المسجد، ثم نودي أن الصلاة جامعة، وقال: "يا أيها الناس، إن الرب واحد والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي" ٢.

وجاء عدي بن حاتم الطائي ت ٦٨هـ، رضي الله عنه، إلى المدينة وهو لم يسلم بعد، فدخل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو في مسجده، فانطلق به -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، وبينما هو كذلك إذ لقيته صلى الله عليه وسلم امرأة ضعيفة كبيرة، فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها، فقال عدي: فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك٣، وكان لهذا الموقف النبوي الإنساني العظيم أثر واضح في إسلام عدي لاحقا.

ولما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة بعد إحدى وعشرين سنة من دعوته، ووقف موقف المنتصر ممن حاربوه وأخرجوه وكذبوه، لم يذكر يومئذ إلا دعوته ومبادئها التي كان ينادي بها يوم كان مستخفيا في دروب مكة، ثم يوم كان حاكما في المدينة يضع


١ رواه البخاري: ١٢٨٢/٣، مسلم: ١٣١٥/٣.
٢ تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر، دار إحياء التراث العربي، مج١٢، ج٢٣/ ص٢٨٩.
٣ تاريخ الطبري، نشر مؤسسة الأعلمي/ بيروت، ط١، ٥٧٧/٢.

<<  <   >  >>