للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر" ١، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن أحدا من وجوب طلب العلم، حيث يقول: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" ٢ ويطول بنا المقام لو أردنا أن نستعرض كل أقواله صلى الله عليه وسلم في الحث على العلم وبيان فضله وفضل العلماء، ومن هنا نلحظ اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالعلم من أول يوم أقام فيه كيان الدولة الإسلامية، فنجد أنه صلى الله عليه وسلم لما بنى مسجده بالمدينة اتخذه هو وأصحابه مركزًا دينيًا لبث تعاليم الإسلام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس فيه وحوله حلقة من أصحابه، يعلمهم ويحثهم على طلب العلم والحكمة، وظل هذا المسجد ينمو ويتسع حتى انبعثت منه أنوار المعارف المختلفة في القرن الثاني الهجري، وظهر فيه أئمة الشريعة الإسلامية، وأصبحت المساجد التي بنيت على غراره في البلاد المفتوحة مراكز دينية واجتماعية ومدارس للنشاط العلمي، ووصلت إلى مستوى عالٍ في التفكير العقلي والإنتاج الديني واللغوي.

كما عني الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليم المسلمين الأولين وتثقيفهم، وبلغ من اهتمامه في ذلك أنه طلب من أسراه في بدر ممن لم يستطع أن يفدي نفسه بالمال، أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المدينة٣، وأصبح للرسول صلى الله عليه وسلم عدد كبير من الكتاب الذين كانوا يكتبون له في جميع أموره٤، ومهام دولته من رسائل وكتب إلى الملوك


١ سنن الترمذي: ٢٨/٥، ٤٨، سنن الدارمي: ١١٠/١، سنن ابن ماجه: ٨١/١، ورواه غيرهم بألفاظ متقاربة.
٢ سنن ابن ماجه: ٨٠/١، جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر: ١.
٣ مسند أحمد: ٤٧/٤، حديث: ٢٢١٦، السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، مهدي رزق الله: ٣٥٩.
٤ كتَّاب الوحي، د أحمد عيسى: ٦٥-٧٠.

<<  <   >  >>