إلينا في بعض آثار هذه الزوجية كأن طلبت زجة المسيحي من القاضي الشرعي الحكم لها على زوجها المسيحي بنفقة، أو طلب هو الحكم له عليها بالطاعة تسمع الدعوى ويقضى بالنفقة أو الطاعة, ولو كانت الزوجية غير صحيحة في حكم الإسلام ما دامت صحيحة في دينهم ولم يختصما إلينا فيها؛ لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون.
ولكننا نتعرض لهم ونمضي حكم الإسلام في زوجيتهم في حالات ثلاث:
"الأولى" أن يختصما في الزوجية ويترافعا إلينا طالبين حكم الإسلام فيها١ فحينئذ يفصل في هذه الزوجية بما تقضي به الشريعة الإسلامية عملا بقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ولأنهما بالترافع إلينا رضيا حكم شريعتنا وطلبا إمضاءه في زواجهما.
فإذا ثبت أن الزواج المتنازع فيه بينهما كان حين عقده مستوفيا الشرائط الشرعية وصحيحا في حكم الإسلام قضى القاضي بصحته؛ لأن كل زواج صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين غيرهم.
وإذا ثبت أنه كان حين عقده غير صحيح في الإسلام لعدم حضور شهود؛ أو لأن الزوجة حين العقد عليها كانت في عدة كتابي كان زوجا لها من قبل، قضى القاضي أيضا بصحته ما دام ذلك جائزا في دينهم؛ لأنهما لما رضيا بحكم الإسلام لم يلتزما بمذهب معين من مذاهب أئمة المسلمين، وما دام الزواج بغير حضور شهود صحيحا في بعض المذاهب الإسلامية, وهو مذهب مالك؛ لأن الشرط عنده إعلانه ولو بغير الشهود, فإنه يقضى بصحته بينهم ما دام متفقا ودينهم.
وأما إذا ثبت أنه كان حين عقده غير صحيح في الإسلام لكون الزوجة إحدى محارم الزوج بنسب أو رضاع أو مصاهرة، أو لكونها كانت حين العقد عليها معتدة
١ ولا يجوز التعرض لزوجيتهما، إلا إذا ترافعا إلينا معا، وأما لو رفع أحدهما فقط وأبى الآخر فلا نتعرض لهما؛ لأن في هذا اعتداء على حق من أبى، وهذا هو مذهب الإمام وعليه العمل. وقال محمد: يكفي أن يرفع أحدهما الأمر إلينا؛ لأنه رضي بحكم الإسلام فصار كما إذا أسلم.