قدمنا في شروط الزواج أن فاقد الأهلية وهو الصغير غير المميز والمجنون لا ينعقد زواجه بنفسه, وإنما الذي يزوجه وليه، وأن ناقص الأهلية وهو الصغير المميز والمعتوه المميز والرقيق المملوك لا ينفذ زواجه بنفسه, وإنما يتوقف على إذن وليه أو إجازته.
فمن هذا يؤخذ أن فاقد الأهلية وناقصها تثبت لغيرهما عليهما ولاية التزويج وهي التي تسمى الولاية على النفس, فلمن له الولاية عليهما أن يزوجهما وينفذ عليها تزويجه جبرا عنهما. ولذا عرف الفقهاء الولاية بأنها تنفيذ القول على الغير جبرا عنه، وليس لواحد منهما الولاية على نفسه؛ لأن فقد أهليته أو نقصها سلبه ولايته على نفسه.
والحكمة في هذا أن الزواج عقد له خطره وشأنه لما يترتب عليه من حقوق وآثار. ووجه المصلحة فيه لا يدركها أصلا فاقد الأهلية، ولا يستقل بفهمها ناقصها. وقد تدعو الحاجة إلى زواج واحد منهما لجلب منفعة أو دفع مضرة، فدفعا لما قد يطرأ من هذه الحاجات، وتلافيا لما قد يلحق فاقد الأهلية أو ناقصها من مباشرته بنفسه زوجية لا مصلحة لهما فيها جعلت ولاية تزويجهما للولي عليهما ليقدر برأيه ونظره وشفقته ما فيه المصلحة ويباشر ما يراه خيرا لهما, وتقوم إرادته ورضاه مقام إرادة المولى عليه ورضاه. وبهذا يجمع بين دفع الحاجة وتلافي الضرر كما جعلت الولاية على مالهما للولي المالي تحقيقا لهذه الحكمة.
من تثبت له هذه الولاية:
أما الرقيق المملوك فولاية تزويجه لمالكه, سواء كان صغيرا أو كبيرا كامل العقل أو فاقده أو ناقصه؛ لأن رقه جعل لمالكه هذ الحق عليه وسلبه حق ولايته على نفسه.