للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حكم الطلاق]

أما حكمه بمعنى وصفه الشرعي من الحظر أو الإباحة فقال بعض العلماء إنه مباح؛ لأن الله سبحانه في عدة آيات نفى الجناح والإثم عن المطلق فقال: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} ؛ ولأن الأصل في ما شرع الإباحة، والذي حققه الكمال بن الهمام أن الأصل فيه الحظر ولا يباح إلا للضرورة؛ وذلك لأنه قطع لرابطة الزوجية التي ارتبط بها الزوجان تحقيقا لعدة مصالح دينية ودنيوية وأداء لما طلبه الشارع على سبيل الندب أو الوجوب. وكل ما فيه تضييع للمصالح وتفويت للواجب أو السنة فهو محظور، ولكن لما كانت الحاجة قد تدعو إلى ارتكاب هذا المحظور اتقاء لما هو شر منه أباحه الشارع عند تحقيق الحاجة إلى الخلاص؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات١.


١ وعلى هذا الاختلاف اختلفت وجهة نظر المحاكم الأهلية في قضايا التعويض التي ترفع إليها من بعض المطلقات للحكم لهن بتعويض عما لحقهن من الضرر بسبب الطلاق.
ففي ٢٠ يناير سنة ١٩٢٦ في القضية رقم ١٢٨١ سنة ١٩٢٥ حكمت الدائرة المدنية التجارية بمحكمة مصر الابتدائية الأهلية حضوريا بإلزام المطلق بأن يدفع للمطلقة تعويضا قدره ألف جنيه ومؤخر صداقها وقدره مائة جنيه والمصاريف وأتعاب المحاماة.
ومما جاء في أسباب حكمها "أنه قد تعتري الزوجية أمور تكون فوق طاقة الزوجين وأهلهما فقضت حكمة المولى جل شأنه وجود مشروعية الطلاق فهو إذا حق مشروع ولكن للضرورة، وليس من المروءة والإنسانية ولا من الإيمان أن يتزوج شخص بامرأة ولغير سبب يطلقها فهو باستعماله ذلك الحق الذي أعطى له قد أساء إلى الحق وإلى نفسه وإلى غيره، وليس لصاحب الحق قانونا أن يسيء إلى الغير باستعماله ما خول له من الحقوق "وأنه" وإن كانت المحكمة لا تنازع في أن المدعى عليه له الحق في الطلاق في أي وقت يشاء, ولكنها تتفق مع فقهاء الشرع الشريف في أنه يجب ألا يساء استعمال ذلك الحق الممقوت، وليس أدل على ذلك من قوله سبحانه: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} .=

<<  <   >  >>