النسب يثبت شرعا بواحد من أدلة ثلاثة: الفراش، والإقرار، والبينة.
١- ثبوت النسب بالفراش:
المراد شرعا بالفراش الزوجية القائمة حين ابتداء الحمل. فمن حملت وكانت حين حملت زوجة يثبت نسب حملها من زوجها الثابتة زوجيتها به حين حملت، من غير حاجة إلى بينة منها، أو إقرار منه، وهذا النسب يعتبر شرعا ثابتا بالفراش.
وعلة ثبوت النسب بالفراش أن مقتضى عقد الزواج الاختصاص، وأن تكون الزوجة مقصورة على زوجها وحده لا يحل لغيره أن يستمتع بها. ومقتضى هذا الاختصاص أن تكون علقت بحملها من زوجها القائمة زوجيتها به حين حملت؛ لأن الأصل حمل حال الناس على الصلاح، وعدم اعتبار الاحتمالات المبنية على سوء الظن والمؤدية إلى الفضيحة وضياع الأولاد.
ولذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته يوم حجة الوداع:"والولد للفراش وللعاهر الحجر". والمراد أن الولد نتيجة للفراش وثمرة للزوجية. وأما العاهر الذي لا يتخذ زوجة تختص به فلا ثمرة له ولا ينسب إليه ولد, وعبر عن هذا بأنه له الحجر. إذ يقال لمن خاب ولم يجن ثمرة: بيده التراب أو له الحجر.
وأحكام ثبوت النسب بالفراش مبنية على ثلاثة أصول:
١- ما يشترط لاعتبار الزوجية فراشا يثبت به النسب.
٢- أقل مدة الحمل.
٣- أقصى مدة الحمل.
فأما ما يشترط لاعتبار الزوجية فراشا يثبت به النسب فهو أن تكون زوجية يتصور عادة أن يكون الحمل منها من جهة أهلية الزوج؛ لأن تحمل منه زوجته. ومن جهة التلاقي بين الزوجين، وقد تفرع على هذا ما يأتي:
لا يثبت نسب الولد من زوج صغير السن ليس بالغا ولا مراهقا؛ لأنه ليس أهلا لأن تحمل منه زوجته فلا تعتبر زوجيته فراشا يثبت به النسب.
ولا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد؛ لأنه مع ثبوت عدم التلاقي بين الزوجين من حين العقد لا يتصور عادة أن يكون الحمل من هذا الزوج، فإذا أنكره ونفى أنه ابنه لا تسمع عليه دعوى نسبه؛ لأنها دعوى يكذبها الظاهر.
وكذلك لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها؛ لأن ولادتها بعد سنة من غيبته دليل على أنها حملت وهو غائب